[ ص: 83 ] كتاب صلاة الكسوف
يطلق الكسوف والخسوف على الشمس والقمر جميعا . وصلاة كسوف الشمس والقمر سنة مؤكدة ، وتسن في أوقات الكراهة وغيرها . وأقلها أن يحرم بنية صلاة الكسوف ، ويقرأ الفاتحة ، ويركع ثم يرفع ، فيقرأ الفاتحة ثم يركع ثانيا ، ثم يرفع ويطمئن ، ثم يسجد ، فهذه ركعة ، ثم يصلي ركعة ثانية كذلك ، فهي ركعتان ، في كل ركعة قيامان وركوعان ، ويقرأ الفاتحة في كل قيام . فلو وجهان . أحدهما : يزيد ثالثا ورابعا وخامسا ، حتى ينجلي الكسوف ، قاله تمادى الكسوف ، فهل يزيد ركوعا ثالثا ؟ ، ابن خزيمة والخطابي ، وأبو بكر الضبعي من أصحابنا ، للأحاديث الواردة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين ، في كل ركعة أربع ركوعات ، وروي خمس ركوعات ، ولا محمل له إلا التمادي ، وأصحهما : لا تجوز الزيادة ، كسائر الصلوات . روايات الركوعين أشهر وأصح ، فيؤخذ بها ، كذا قاله الأئمة ، ولو كان في القيام الأول ، فانجلى الكسوف ، لم تبطل صلاته .
وجهان بناء على الزيادة عند التمادي ، إن جوزنا الزيادة ، جاز النقصان بحسب مدة الكسوف ، وإلا فلا . ولو وهل له أن يقتصر على قومة واحدة ، وركوع واحد في كل ركعة ؟ وجهان خرجوهما على جواز زيادة عدد الركوع ، والمذهب المتبع وأكملها أن سلم من الصلاة والكسوف باق ، فهل له أن يستفتح صلاة الكسوف مرة أخرى ؟ وسوابقها سورة ( البقرة ) أو مقدارها إن لم يحسنها ، وفي [ ص: 84 ] الثاني : ( آل عمران ) أو مقدارها . وفي الثالث : ( النساء ) أو قدرها . وفي الرابع : ( المائدة ) أو قدرها . وكل ذلك بعد الفاتحة . هذه رواية يقرأ في القيام الأول بعد الفاتحة ، ونقل البويطي المزني في ( المختصر ) : أنه يقرأ في الأول ( البقرة ) أو قدرها إن لم يحفظها . وفي الثاني قدر مائتي آية من سورة ( البقرة ) . وفي الثالث : قدر مائة آية وخمسين آية منها ، وفي الرابع : قدر مائة آية منها ، وهذه الرواية هي التي قطع بها الأكثرون ، وليستا على الاختلاف المحقق ، بل الأمر فيه على التقريب ، وهما متقاربتان .
قلت : وفي استحباب التعوذ في ابتداء القراءة في القومة الثانية ، وجهان حكاهما في ( الحاوي ) ، وهما الوجهان في الركعة الثانية . - والله أعلم - .
وأما ، فينبغي أن يسبح في الركوع الأول قدر مائة آية من ( البقرة ) وفي الثاني : قدر ثمانين منها ، وفي الثالث : قدر سبعين . وفي الرابع : قدر خمسين ، والأمر فيه على التقريب . ويقول في الاعتدال من كل ركوع : ( سمع الله لمن حمده ) و ( ربنا لك الحمد ) قدر مكثه في الركوع قولان . أظهرهما : لا يطوله كما لا يطول التشهد ، ولا الجلوس بين السجدتين . والثاني : يطول . نقله وهل يطول السجود في هذه الصلاة ؟ ، والترمذي ، البويطي والمزني ، عن . الشافعي
قلت : الصحيح المختار ، أنه يطول السجود وقد ثبت في إطالته أحاديث كثيرة في ( الصحيحين ) عن جماعة من الصحابة . ولو قيل : إنه يتعين الجزم به ، لكان قولا صحيحا ، لأن - رضي الله عنه - قال : ما صح فيه الحديث ، فهو قولي ومذهبي . فإذا قلنا بإطالته ، فالمختار فيها ما قاله صاحب ( التهذيب ) أن السجود الأول كالركوع الأول ، والسجود الثاني ، كالركوع الثاني . وقال الشافعي - رحمه الله - في الشافعي : إنه نحو الركوع الذي قبله . وأما الجلسة بين السجدتين ، فقد قطع البويطي الرافعي بأنه لا يطولها . ونقل الاتفاق على أنه لا يطولها . وقد صح في حديث الغزالي - رضي الله عنهما - عبد الله بن عمرو بن العاص . وأما الاعتدال بعد الركوع الثاني ، فلا يطول بلا خلاف ، وكذا التشهد . - والله أعلم - . أن [ ص: 85 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد فلم يكد يرفع ، ثم رفع فلم يكد يسجد ، ثم سجد فلم يكد يرفع ، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك