الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ويصح ضمان دين الضامن ودين الميت المفلس ، وغيره ، ولا تبرأ ذمته قبل القضاء في أصح الروايتين ويصح ضمان عهدة المبيع عن البائع للمشتري وعن المشتري للبائع ، ولا يصح ضمان دين الكتابة في أصح الروايتين .
( ويصح nindex.php?page=treesubj&link=16742ضمان دين الضامن ) نحو أن يضمن الضامن ضامن آخر ؛ لأنه دين لازم في ذمته ، فصح كسائر الديون ، فعلى هذا يثبت الحق في ذمة الثلاثة أيهم قضاه برئت ذممهم كلها ؛ لأنه حق واحد ، فإذا سقط لم يجب مرة أخرى فيبرأ الثاني بإبراء الأول ، ولا عكس ، وإن قضى الدين الضامن الأول رجع على [ ص: 254 ] المضمون عنه ، وإن قضاه الثاني رجع على الأول ، ثم رجع الأول على المضمون عنه إذا كان واحد أذن ، وإلا ففي الرجوع له روايتان ، فلو ضمن المضمون عنه الضامن لم يصح ؛ لأن الضمان يقتضي التزامه الحق في ذمته ، والحق لازم له ، فلا يتصور التزامه ثانيا ، ولأنه أصل ، فلا يصير فرعا ، لكن لو ضمنه في غير الدين جاز ، وعلم منه أن كل دين يصح أخذ رهن به أنه يصح ضمانه ( و ) يصح ضمان ( دين الميت المفلس ، وغيره ) ، فصح الضمان عن كل غريم وجب عليه حق حيا كان ، أو ميتا مليئا ، أو مفلسا ، وهو قول أكثر العلماء ؛ لأن أبا قتادة ضمن دين الميت وقيد الميت بالمفلس تنبيها على من يمنع صحة ذلك ( ولا تبرأ ذمته ) أي : ذمة الميت ( قبل القضاء في أصح الروايتين ) جزم به في " الوجيز " ، وغيره لقوله عليه السلام : nindex.php?page=hadith&LINKID=10339187نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه . nindex.php?page=hadith&LINKID=10340071ولما أخبر nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة النبي - صلى الله عليه وسلم - بوفاء الدينارين فقال : الآن بردت جلدته . رواه أحمد ، ولأنه وثيقة بدين ، فلم يسقط قبل القضاء كالرهن ، والثانية : ونص عليها في رواية nindex.php?page=showalam&ids=17410يوسف بن موسى أنه يبرأ بمجرد الضمان لما روى nindex.php?page=hadith&LINKID=10340072nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة فلما قال : هل على صاحبكم من دين قالوا : درهمان فقال : صلوا على صاحبكم فقال علي : هما علي يا رسول الله ، وأنا لهما ضامن فقام فصلى عليه ، ثم أقبل على علي فقال جزاك الله عن الإسلام خيرا وفك رهانك ، كما فككت رهان أخيك . رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني .
( ويصح nindex.php?page=treesubj&link=16819ضمان عهدة المبيع عن البائع للمشتري ) ، وهو أن يضمن شخص عن [ ص: 255 ] البائع الثمن إذا خرج المبيع مستحقا ، أو رد بعيب ( وعن المشتري للبائع ) ، وهو أن يضمن الثمن الواجب بالبيع قبل تسليمه ، أو إن ظهر به عيب ، أو استحق فضمان العهدة في الموضعين ضمان الثمن ، أو بعضه عن أحدهما للآخر ، وهو صحيح عند الجماهير ؛ لأن الحاجة تدعو إلى الوثيقة وهي ثلاثة : الشهادة ، والرهن ، والضمان ، فالأولى لا يستوفى منها الحق ، والثانية يبقى مرهونا إلى أن يؤدي ، فلم يبق غير الضمان ، ولأنه لو لم يصح لامتنعت المعاملات مع من لم يعرف ذلك ، وفيه ضرر عظيم رافع لأصل الحكمة التي شرع البيع من أجلها ومثل ذلك لا يرد به الشرع ، وظاهره صحة ضمان العهدة عن البائع للمشتري قبل قبض الثمن وبعده ، وقال القاضي : يصح بعده ؛ لأنه لو خرج قبل القبض مستحقا لم يجب على البائع شيء ، وهو مبني على ضمان ما لم يجب إذا كان مفضيا إلى الوجوب كالجعالة ، وألفاظه : ضمنت عهدته ، أو ثمنه ، أو دركه ، ويقول المشتري : ضمنت خلاصك منه ، أو ثمنه ، فلو ضمن له خلاص المبيع فقال أحمد : لا يحل ، واختاره أبو بكر ، لأنه إذا خرج حرا ، أو مستحقا لم يستطع خلاصه ، وفي دخول نقض بناء المشتري في ضمانها ورجوعه بالدرك مع اعترافه بصحة البيع وقيام بينة ببطلانه وجهان ، وإن باعه بشرط ضمان دركه إلا من زيد ، ثم ضمن دركه منه أيضا لم يعد صحيحا ، ذكره في " الانتصار " .
مسألة : يصح ضمان نقص صنجة ويرجع بقوله مع يمينه ( ولا يصح nindex.php?page=treesubj&link=27411ضمان دين الكتابة في أصح الروايتين ) ، وقاله أكثر العلماء ؛ لأنه ليس بلازم ، ولا مآله إلى اللزوم ؛ لأن المكاتب له تعجيز نفسه ، والامتناع من الأداء ، فإذا لم يلزم [ ص: 256 ] الأصل فالفرع أولى ، والثانية : يصح ؛ لأنه دين على المكاتب ، فصح كبقية الديون ، والفرق ظاهر ، وعلى الأولى لا فرق بين أن يضمنه حر أو عبد ، وخصها القاضي بالحر لسعة تصرفه .