الباب الثالث من الجملة الثانية
في القبلة .
اتفق المسلمون على أن شرط من شروط صحة الصلاة لقوله تعالى : ( التوجه نحو البيت ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ) أما ، فالفرض عندهم هو التوجه إلى عين البيت ، ولا خلاف في ذلك . إذا أبصر البيت
وأما فاختلفوا من ذلك في موضعين : أحدهما : هل الفرض هو العين أو الجهة ؟ والثاني : هل فرضه الإصابة أو الاجتهاد : ( أعني إصابة الجهة أو العين عند من أوجب العين ) ؟ [ ص: 96 ] [ المسألة الأولى ] إذا غابت الكعبة عن الأبصار
[ هل الفرض هو العين أو الجهة ]
فذهب قوم إلى أن الفرض هو العين ، وذهب آخرون إلى أنه الجهة .
والسبب في اختلافهم : هل في قوله تعالى : ( فول وجهك شطر المسجد الحرام ) محذوف حتى يكون تقديره : ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام أم ليس ههنا محذوف أصلا ، وأن الكلام على حقيقته ؟ فمن قدر هنالك محذوفا قال : الفرض الجهة ، ومن لم يقدر هنالك محذوفا قال : الفرض العين ، والواجب حمل الكلام على الحقيقة حتى يدل الدليل على حمله على المجاز ، وقد يقال : إن الدليل على تقدير هذا المحذوف قوله - عليه الصلاة والسلام - : " " قالوا : واتفاق المسلمين على الصف الطويل خارج الكعبة يدل على أن الفرض ليس هو العين ( أعني : إذا لم تكن الكعبة مبصرة ) . ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا توجه نحو البيت
والذي أقوله : إنه لو كان واجبا قصد العين لكان حرجا ، وقد قال تعالى : ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) فإن إصابة العين شيء لا يدرك إلا بتقريب وتسامح بطريق الهندسة واستعمال الأرصاد في ذلك ، فكيف بغير ذلك من طرق الاجتهاد ، ونحن لم نكلف الاجتهاد فيه بطريق الهندسة المبني على الأرصاد المستنبط منها طول البلاد وعرضها .