بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما
كتاب السرقة
والنظر في هذا الكتاب في حد السرقة ، وفي شروط المسروق الذي يجب به الحد ، وفي صفات السارق الذي يجب عليه الحد ، وفي العقوبة ، وفيما تثبت به هذه الجناية .
[ تعريف السرقة ]
فأما ، وإنما قلنا هذا لأنهم أجمعوا أنه ليس في الخيانة ولا في الاختلاس قطع إلا السرقة ، فهي أخذ مال الغير مستترا من غير أن يؤتمن عليه ، فإنه أوجب في الخلسة القطع ، وذلك مروي عن النبي - عليه الصلاة والسلام - . إياس بن معاوية
وأوجب أيضا قوم القطع على لمكان حديث المرأة المخزومية المشهور : " من استعار حليا أو متاعا ثم جحده أنها كانت تستعير الحلي ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعها لموضع جحودها " وبه قال أحمد [ ص: 757 ] وإسحاق والحديث حديث عائشة قالت : " أسامة أهلها فكلموه ، فكلم أسامة النبي - عليه الصلاة والسلام - ، فقال النبي - عليه الصلاة والسلام - : يا أسامة لا أراك تتكلم في حد من حدود الله ، ثم قام النبي - عليه الصلاة والسلام - خطيبا فقال : " إنما أهلك من كان قبلكم أنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق الضعيف قطعوه ، والذي نفسي بيده لو كانت لقطعتها فاطمة بنت محمد " ورد الجمهور هذا الحديث لأنه مخالف للأصول ، وذلك أن المعار مأمون وأنه لم يأخذ بغير إذن فضلا أن يأخذ من حرز ، قالوا : وفي الحديث حذف ، وهو أنها سرقت مع أنها جحدت ، ويدل على ذلك قوله - عليه الصلاة والسلام - : " كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده ، فأمر النبي - عليه الصلاة والسلام - بقطع يدها ، فأتى " قالوا : وروى هذا الحديث إنما أهلك من كان قبلكم أنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه عن الليث بن سعد بإسناده ، فقال : فيه : " إن المخزومية سرقت " ، قالوا : وهذا يدل على أنها فعلت الأمرين جميعا الجحد والسرقة . الزهري
وكذلك أجمعوا على أنه ليس على الغاصب ولا على المكابر المغالب قطع إلا أن يكون قاطع طريق شاهرا للسلاح على المسلمين مخيفا للسبيل ، فحكمه حكم المحارب على ما سيأتي في حد المحارب .