الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المسألة الثالثة

[ هيئة الجلوس ]

اختلف الفقهاء في هيئة الجلوس ، فقال مالك وأصحابه يفضي بأليتيه إلى الأرض ، وينصب رجله اليمنى ويثني اليسرى ، وجلوس المرأة عنده كجلوس الرجل .

وقال أبو حنيفة وأصحابه : ينصب الرجل اليمنى ويقعد على اليسرى . وفرق الشافعي بين الجلسة الوسطى والأخيرة ، فقال في الوسطى بمثل قول أبي حنيفة ، وفي الأخيرة بمثل قول مالك .

وسبب اختلافهم في ذلك تعارض الآثار ، وذلك أن في ذلك ثلاثة آثار : أحدها : وهو ثابت باتفاق حديث أبي حميد الساعدي الوارد في وصف صلاته - عليه الصلاة والسلام - وفيه " وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى ، وإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب اليمنى وقعد على مقعدته " . والثاني : حديث وائل بن حجر ، وفيه " أنه كان إذا قعد في الصلاة نصب اليمنى وقعد على اليسرى " . والثالث : ما رواه مالك عن عبد الله بن عمر أنه قال : " إنما سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى ، وتثني اليسرى ، وهو يدخل في المسند لقوله فيه : إنما سنة الصلاة ، وفي روايته عن القاسم بن محمد أنه أراهم الجلوس في التشهد ، فنصب رجله اليمنى ، وثنى اليسرى ، وجلس على وركه الأيسر ولم يجلس على قدمه ، ثم قال : أراني هذا عبد الله بن عبد الله بن عمر ، وحدثني أن أباه كان يفعل ذلك ، فذهب مالك مذهب الترجيح لهذا الحديث ، وذهب أبو حنيفة مذهب الترجيح لحديث وائل .

وذهب الشافعي مذهب الجمع على حديث أبي حميد ، وذهب الطبري مذهب التخيير ، وقال : هذه الهيئات كلها جائزة وحسن فعلها لثبوتها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قول حسن ، فإن الأفعال المختلفة أولى أن تحمل على التخيير منها على التعارض ، وإنما يتصور ذلك التعارض أكثر في الفعل مع القول أو في القول مع القول .

التالي السابق


الخدمات العلمية