المسألة الثامنة
[ النهي عن الإقعاء ]
اتفق العلماء على كراهية لما جاء في الحديث من النهي أن يقعي الرجل في صلاته كما يقعي الكلب إلا أنهم اختلفوا فيما يدل عليه الاسم ، فبعضهم رأى أن الإقعاء المنهي عنه هو جلوس الرجل على أليتيه في الصلاة ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب ، والسبع ولا خلاف بينهم أن هذه الهيئة ليست من هيئات الصلاة . الإقعاء في الصلاة
وقوم رأوا أن معنى الإقعاء الذي نهي عنه هو أن يجعل أليته على عقبيه بين السجدتين ، وأن يجلس على صدور قدميه ، وهو مذهب مالك لما روي عن أنه ذكر أنه إنما كان يفعل ذلك ; لأنه كان يشتكي قدميه . ابن عمر
وأما ابن عباس فكان يقول : الإقعاء على القدمين في السجود على هذه الصفة هو سنة نبيكم ، خرجه مسلم .
[ ص: 119 ] وسبب اختلافهم : هو تردد اسم الإقعاء المنهي عنه في الصلاة بين أن يدل على المعنى اللغوي أو يدل على معنى شرعي : ( أعني : على هيئة خصها الشرع بهذا الاسم ) ، فمن رأى أنه يدل على المعنى اللغوي قال : هو إقعاء الكلب .
ومن رأى أنه يدل على معنى شرعي قال : إنما أريد بذلك إحدى هيئات الصلاة المنهي عنها ، ولما ثبت عن أن قعود الرجل على صدور قدميه ليس من سنة الصلاة - سبق إلى اعتقاده أن هذه الهيئة هي التي أريدت بالإقعاء المنهي عنه ، وهذا ضعيف ، فإن الأسماء التي لم تثبت لها معان شرعية يجب أن تحمل على المعنى اللغوي حتى يثبت لها معنى شرعي ، بخلاف الأمر في الأسماء التي تثبت لها معان شرعية : ( أعني أنه يجب أن يحمل على المعاني الشرعية حتى يدل الدليل على المعنى اللغوي ) مع أنه قد عارض حديث ابن عمر في ذلك حديث ابن عمر . ابن عباس