[ 2 - قضاء بعض الصلاة ]
وأما ، فمنه ما يكون سببه النسيان ، ومنه ما يكون سببه سبق الإمام للمأموم : ( أعني : أن يفوت المأموم بعض صلاة الإمام ) ، [ قضاء بعض الصلاة بسبب سبق الإمام للمأموم ] القضاء الذي يكون في فوات بعض الصلوات
فأما إذا فات المأموم بعض الصلاة ، فإن فيه مسائل ثلاثا قواعد : إحداها : متى تفوت الركعة . والثانية : هل إتيانه بما فاته بعد صلاة الإمام أداء أو قضاء . والثالثة : متى يلزمه حكم صلاة الإمام ومتى لا يلزمه ذلك .
[ المسألة الأولى من المسائل الثلاث القواعد ]
أما متى تفوته الركعة ؟ فإن في ذلك مسألتين : إحداهما : إذا دخل والإمام قد أهوى إلى الركوع . والثانية : إذا كان مع الإمام في الصلاة فسها أن يتبعه في الركوع أو منعه ذلك ما وقع من زحام أو غيره .
[ المسألة الأولى ]
[ ] إذا دخل المأموم وقد أهوى الإمام إلى الركوع
فإن فيها ثلاثة أقوال : [ ص: 157 ] أحدها : ( وهو الذي عليه الجمهور ) : أنه إذا أدرك الإمام قبل أن يرفع رأسه من الركوع وركع معه ، فهو مدرك للركعة ، وليس عليه قضاؤها ، وهؤلاء اختلفوا : هل من شرط هذا الداخل أن يكبر تكبيرتين تكبيرة للإحرام وتكبيرة للركوع أو يجزيه تكبيرة الركوع ؟ . وإن كانت تجزيه فهل من شرطها أن ينوي بها تكبيرة الإحرام أم ليس ذلك من شرطها ؟ فقال بعضهم : بل تكبيرة واحدة تجزيه إذا نوى بها تكبيرة الافتتاح ، وهو مذهب مالك ، والاختيار عندهم تكبيرتان ، وقال قوم : لا بد من تكبيرتين ، وقال قوم : تجزي واحدة وإن لم ينو بها تكبيرة الافتتاح . والقول الثاني أنه إذا ركع الإمام فقد فاتته الركعة ، وأنه لا يدركها ما لم يدركه قائما ، وهو منسوب إلى والشافعي . والقول الثالث : أنه إذا انتهى إلى الصف الآخر ، وقد رفع الإمام رأسه ، ولم يرفع بعضهم ، فأدرك ذلك أنه يجزيه ; لأن بعضهم أئمة لبعض ، وبه قال أبي هريرة . الشعبي
وسبب هذا الاختلاف : تردد اسم الركعة بين أن يدل على الفعل نفسه الذي هو الانحناء فقط ، أو على الانحناء والوقوف معا ، وذلك أنه قال - عليه الصلاة والسلام - : " " قال من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة ابن المنذر : ثبت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن كان اسم الركعة ينطلق عنده على القيام والانحناء معا قال : إذا فاته قيام الإمام فقد فاتته الركعة ، ومن كان اسم الركعة ينطلق عنده على الانحناء نفسه جعل إدراك الانحناء إدراكا للركعة ، والاشتراك الذي عرض لهذا الاسم إنما هو من قبل تردده بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي ، وذلك أن اسم الركعة ينطلق لغة على الانحناء ، وينطلق شرعا على القيام والركوع والسجود فمن رأى أن اسم الركعة ينطلق في قوله - عليه الصلاة والسلام - " " على الركعة الشرعية ، ولم يذهب مذهب الآخذ ببعض ما تدل عليه الأسماء قال : لا بد أن يدرك مع الإمام الثلاثة الأحوال ( أعني : القيام ، والانحناء ، والسجود ) ، ويحتمل أن يكون من ذهب إلى اعتبار الانحناء فقط أن يكون اعتبر أكثر ما يدل عليه الاسم ههنا ; لأن من أدرك الانحناء فقد أدرك منها جزأين ، ومن فاته الانحناء إنما هو أدرك منها جزءا واحدا فقط ، فعلى هذا يكون الخلاف آيلا إلى اختلافهم في الأخذ ببعض دلالة الأسماء أو بكلها ، فالخلاف يتصور فيها من الوجهين جميعا . من أدرك ركعة
وأما من اعتبر ركوع من في الصف من المأمومين فلأن الركعة من الصلاة قد تضاف إلى الإمام فقط ، وقد تضاف إلى الإمام والمأمومين .
فسبب الاختلاف : هو الاحتمال في هذه الإضافة : ( أعني : قوله - عليه الصلاة والسلام : - " " ) وما عليه الجمهور أظهر . من أدرك ركعة من الصلاة
وأما اختلافهم في : هل تجزيه تكبيرة واحدة أو تكبيرتان ؟ ( أعني المأموم إذا دخل في الصلاة والإمام راكع ) فسببه هل من شرط تكبيرة الإحرام أن يأتي بها واقفا أم لا ؟ فمن رأى أن من شرطها الموضع الذي تفعل فيه تعلقا بالفعل ( أعني فعله عليه الصلاة والسلام ) ، وكان يرى أن التكبير كله فرض قال : لا بد من تكبيرتين .
[ ص: 158 ] ومن رأى أنه ليس من شرطها الموضع تعلقا بعموم قوله - عليه الصلاة والسلام - : " وتحريمها التكبير " وكان عنده أن تكبيرة الإحرام هي فقط الفرض قال : يجزيه أن يأتي بها وحدها . وأما من أجاز أن يأتي بتكبيرة واحدة ولم ينو بها تكبيرة الإحرام ، فقيل : يبني على مذهب من يرى أن تكبيرة الإحرام ليست بفرض ، وقيل : إنما يبني على مذهب من يجوز تأخير نية الصلاة عن تكبيرة الإحرام ; لأنه ليس معنى أن ينوي تكبيرة الإحرام إلا مقارنة النية للدخول في الصلاة ; لأن تكبيرة الإحرام لها وصفان : النية المقارنة ، والأولية : ( أعني وقوعها في أول الصلاة ) ، فمن اشترط الوصفين قال : لا بد من النية المقارنة ، ومن اكتفى بالصفة الواحدة اكتفى بتكبيرة واحدة ، وإن لم تقارنها النية .