[ ص: 159 ] [ المسألة الثانية من المسائل الثلاث القواعد ]
[ إتمام صلاة المسبوق هل تعتبر أداء أو قضاء ؟ ] وأما المسألة الثانية من المسائل الثلاث الأول التي هي أصول هذا الباب وهي : فإن في ذلك ثلاثة مذاهب ، قوم قالوا : إن ما يأتي به بعد سلام الإمام هو قضاء وإن ما أدرك ليس هو أول صلاته . هل إتيان المأموم بما فاته من الصلاة مع الإمام أداء أو قضاء ؟
وقوم قالوا : إن الذي يأتي به بعد سلام الإمام هو أداء ، وإن ما أدرك هو أول صلاته .
وقوم فرقوا بين الأقوال والأفعال فقالوا : يقضي في الأقوال ( يعنون في القراءة ) ، ويبني في الأفعال ( يعنون الأداء ) ، فمن أدرك ركعة من صلاة المغرب على المذهب الأول : ( أعني مذهب القضاء ) قام إذا سلم الإمام إلى ركعتين يقرأ فيهما بأم القرآن وسورة من غير أن يجلس بينهما ، وعلى المذهب الثاني : ( أعني على البناء ) قام إلى ركعة واحدة يقرأ فيها بأم القرآن وسورة ، ويجلس ، ثم يقوم إلى ركعة يقرأ فيها بأم القرآن فقط ، وعلى المذهب الثالث يقوم إلى ركعة فيقرأ فيها بأم القرآن وسورة ، ثم يجلس ، ثم يقوم إلى ركعة ثانية يقرأ فيها أيضا بأم القرآن وسورة ، وقد نسبت الأقاويل الثلاثة إلى المذهب ، والصحيح عن مالك أنه يقضي في الأقوال ، ويبني في الأفعال ; لأنه لم يختلف قوله في المغرب إنه إذا أدرك منها ركعة أنه يقوم إلى الركعة الثانية ، ثم يجلس ، ولا اختلاف في قوله إنه يقضي بأم القرآن وسورة .
وسبب اختلافهم : أنه ورد في بعض روايات الحديث المشهور : " " ، والإتمام يقتضي أن يكون ما أدرك هو أول صلاته . فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا
وفي بعض رواياته " " والقضاء يوجب أن ما أدرك هو آخر صلاته فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا
; فمن ذهب مذهب الإتمام قال : ما أدرك هو أول صلاته ; ومن ذهب مذهب القضاء قال : ما أدرك هو آخر صلاته ، ومن ذهب مذهب الجمع جعل القضاء في الأقوال والأداء في الأفعال ، وهو ضعيف ( أعني أن يكون بعض الصلاة أداء وبعضها قضاء ) واتفاقهم على وجوب الترتيب في أجزاء الصلاة ، وعلى أن موضع تكبيرة الإحرام هو افتتاح الصلاة ، ففيه دليل واضح على أن ما أدرك هو أول صلاته لكن تختلف نية المأموم والإمام في الترتيب ، فتأمل هذا ، ويشبه أن يكون هذا هو أحد ما راعاه من قال : ما أدرك فهو آخر صلاته .