[ المسألة الثالثة ]
[ ما هو السفر أو المرض الذي يبيح الفطر ]
وأما المسألة الثالثة : وهي هل الفطر الجائز للمسافر هو في سفر محدود ، أو في سفر غير محدود ؟ فإن العلماء اختلفوا فيها :
فذهب الجمهور إلى أنه إنما ، وذلك على حسب اختلافهم في هذه المسألة . يفطر في السفر الذي تقصر فيه الصلاة
وذهب قوم إلى أنه يفطر في كل ما ينطلق عليه اسم سفر وهم أهل الظاهر .
والسبب في اختلافهم : معارضة ظاهر اللفظ للمعنى ، وذلك أن ظاهر اللفظ أن كل من ينطلق عليه اسم مسافر فله أن يفطر لقوله - تعالى - ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) . وأما المعنى [ ص: 248 ] المعقول من إجازة الفطر في السفر فهو المشقة ، ولما كانت لا توجد في كل سفر وجب أن يجوز الفطر في السفر الذي فيه المشقة، ولما كان الصحابة كأنهم مجمعون على الحد في ذلك وجب أن يقاس ذلك على الحد في تقصير الصلاة .
وأما ، فإنهم اختلفوا فيه أيضا : المرض الذي يجوز فيه الفطر
فذهب قوم إلى أنه المرض الذي يلحق من الصوم فيه مشقة وضرورة ، وبه قال مالك .
وذهب قوم إلى أنه المرض الغالب ، وبه قال أحمد .
وقال قوم : إذا انطلق عليه اسم المريض أفطر .
وسبب اختلافهم : هو بعينه سبب اختلافهم في حد السفر .