[ المسألة الرابعة ]
[ متى يفطر المسافر ؟ ومتى يمسك ؟ ]
وأما المسألة الرابعة : وهي ؟ فإن قوما قالوا : يفطر يومه الذي خرج فيه مسافرا ، وبه قال متى يفطر المسافر ومتى يمسك الشعبي والحسن وأحمد . وقالت طائفة : لا يفطر يومه ذلك ، وبه قال فقهاء الأمصار . واستحب جماعة العلماء لمن علم أنه يدخل المدينة أول يومه ذلك أن يدخل صائما . وبعضهم في ذلك أكثر تشديدا من بعض ، وكلهم لم يوجبوا على من دخل مفطرا كفارة .
واختلفوا فيمن دخل وقد ذهب بعض النهار ، فذهب مالك على أنه يتمادى على فطره . وقال والشافعي أبو حنيفة وأصحابه : يكف عن الأكل ، وكذلك الحائض عندما تطهر تكف عن الأكل .
والسبب في اختلافهم : في الوقت الذي يفطر فيه المسافر هو معارضة الأثر للنظر .
أما الأثر : فإنه ثبت من حديث : " ابن عباس " . وظاهر هذا أنه أفطر بعد أن بيت الصوم ، وأما الناس فلا يشك أنهم أفطروا بعد تبييتهم الصوم . وفي هذا المعنى أيضا حديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام حتى بلغ الكديد ثم أفطر وأفطر الناس معه : " جابر بن عبد الله " . وخرج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح إلى مكة ، فسار حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس ، ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب ، فقيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام فقال : " أولئك العصاة أولئك العصاة أبو داود عن أبي نضرة الغفاري أنه لما تجاوز البيوت دعا بالسفرة ، قال جعفر راوي الحديث : فقلت : ألست تؤم البيوت ؟ فقال : أترغب عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال جعفر : فأكل .
وأما النظر : فلما كان المسافر لا يجوز له إلا أن يبيت الصوم ليلة سفره لم يجز له أن يبطل صومه وقد بيته لقوله تعالى : ( ولا تبطلوا أعمالكم ) .
وأما اختلافهم في إمساك الداخل في أثناء النهار عن الأكل أو لا إمساكه : فالسبب في اختلافهم في تشبيه من يطرأ عليه في يوم شك أفطر فيه الثبوت أنه من رمضان ، فمن شبهه به قال يمسك عن الأكل ، ومن لم يشبهه به قال لا يمسك عن الأكل ، لأن الأول أكل لموضع الجهل ، وهذا أكل لسبب مبيح أو موجب للأكل . والحنفية تقول : كلاهما سببان موجبان للإمساك عن الأكل بعد إباحة الأكل .