[ 3 - شروط الوقوف بعرفة ]  
وأما شروطه : فهو  الوقوف بعرفة   بعد الصلاة ، وذلك أنه لم يختلف العلماء : "  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ما صلى الظهر والعصر  بعرفة   ارتفع فوقف بجبالها داعيا إلى الله - تعالى - ووقف معه كل من حضر إلى غروب الشمس ، وأنه لما استيقن غروبها وبان له ذلك دفع منها إلى  المزدلفة      " . ولا خلاف بينهم أن هذا هو سنة الوقوف  بعرفة      .  
وأجمعوا على أن من وقف  بعرفة   قبل الزوال وأفاض منها قبل الزوال أنه لا يعتد بوقوفه ذلك ، وأنه إن لم يرجع فيقف بعد الزوال أو يقف من ليلته تلك قبل طلوع الفجر فقد فاته الحج . وروي عن  عبد الله بن معمر الديلي  قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "  الحج عرفات ، فمن أدرك  عرفة   قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك     " . وهو حديث انفرد به هذا الرجل من الصحابة إلا أنه مجمع عليه .  
واختلفوا فيمن  وقف  بعرفة   بعد الزوال ثم دفع منها قبل غروب الشمس      ; فقال  مالك     : عليه حج قابل إلا أن يرجع قبل الفجر ، وإن دفع منها قبل الإمام وبعد الغيبوبة أجزأه .  
وبالجملة : فشرط صحة الوقوف عنده هو أن يقف ليلا . وقال جمهور العلماء : من وقف بعرفة بعد الزوال فحجه تام وإن دفع قبل الغروب ، إلا أنهم اختلفوا في وجوب الدم عليه .  
وعمدة الجمهور : حديث  عروة بن مضرس  ، وهو حديث مجمع على صحته قال : "  أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجمع فقلت له : هل لي من حج ؟ فقال : من صلى هذه الصلاة معنا ، ووقف هذا الموقف حتى نفيض ، أو أفاض قبل ذلك من  عرفات   ليلا أو نهارا فقد تم حجه ، وقضى تفثه     " . وأجمعوا على أن المراد بقوله في هذا الحديث نهارا أنه بعد الزوال .  
ومن اشترط الليل احتج بوقوفه  بعرفة      - صلى الله عليه وسلم - حين غربت الشمس .  
لكن للجمهور أن يقولوا : إن وقوفه  بعرفة   إلى المغيب قد نبأ حديث  عروة بن مضرس  أنه على جهة الأفضل إذ كان مخيرا بين ذلك .  
وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من طرق أنه قال : "  عرفة   كلها موقف ، وارتفعوا عن  بطن عرنة   ،  والمزدلفة   كلها موقف إلا  بطن محسر   ،  ومنى   كلها منحر ، وفجاج  مكة   منحر ومبيت     " .  
واختلف العلماء فيمن  وقف من  عرفة   بعرنة    فقيل : حجه تام وعليه دم ، وبه قال  مالك     . وقال   الشافعي     : لا حج له .  
وعمدة من أبطل الحج : النهي الوارد عن ذلك في الحديث .  
وعمدة من لم يبطله : أن الأصل أن الوقوف بكل  عرفة   جائز إلا ما قام عليه الدليل ، وقالوا : ولم يأت هذا الحديث من وجه تلزم به الحجة والخروج عن الأصل .  
 [ ص: 289 ] فهذا هو القول في السنن التي في يوم عرفة .  
وأما الفعل الذي يلي الوقوف  بعرفة   من أفعال الحج فهو النهوض إلى  المزدلفة   بعد غيبة الشمس وما يفعل بها ، فلنقل فيه .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					