الجملة الثانية : في  استعمال المحرمات في حال الاضطرار   
- والأصل في هذا الباب قوله تعالى : (  وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه      ) . والنظر في هذا الباب في السبب المحلل ، وفي جنس الشيء المحلل ، وفي مقداره .  
فأما السبب : فهو ضرورة التغذي ( أعني : إذا لم يجد شيئا حلالا يتغذى به ) ، وهو لا خلاف فيه .  
وأما السبب الثاني : طلب البرء ، وهذا المختلف فيه : فمن أجازه احتج بإباحة النبي عليه الصلاة والسلام الحرير   لعبد الرحمن بن عوف  لمكان حكة به . ومن منعه فلقوله عليه الصلاة والسلام : "  إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها     " .  
وأما جنس الشيء المستباح : فهو كل شيء محرم مثل الميتة وغيرها .  
والاختلاف في الخمر عندهم هو من قبل التداوي بها لا من قبل استعمالها في التغذي ، ولذلك أجازوا للعطشان أن يشربها إن كان منها ري ، وللشرق أن يزيل شرقه بها .  
وأما  مقدار ما يؤكل من الميتة   وغيرها : فإن  مالكا  قال : حد ذلك الشبع ، والتزود منها حتى يجد غيرها . وقال   الشافعي  وأبو حنيفة     : لا يأكل منها إلا ما يمسك الرمق ، وبه قال بعض أصحاب  مالك     .  
وسبب الاختلاف : هل المباح له في حال الاضطرار هو جميعها ، أم ما يمسك الرمق فقط ؟ والظاهر أنه جميعها لقوله تعالى : (  فمن اضطر غير باغ ولا عاد      ) .  
واتفق  مالك   والشافعي  على أنه لا يحل للمضطر أكل الميتة إذا كان عاصيا بسفره لقوله تعالى : (  غير باغ ولا عاد      ) . وذهب غيره إلى جواز ذلك .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					