[ ] ميراث ولد الملاعنة وولد الزنى
ومن مسائل هذا الباب اختلاف العلماء في ميراث ولد الملاعنة وولد الزنى .
فذهب أهل المدينة ، إلى أن ولد الملاعنة يورث كما يورث غير ولد الملاعنة ، وأنه ليس لأمه إلا الثلث والباقي لبيت المال ، إلا أن يكون له إخوة لأم ، فيكون لهم الثلث أو تكون أمه مولاة [ ص: 684 ] فيكون باقي مالها لمواليها ، وإلا فالباقي لبيت مال المسلمين ، وبه قال وزيد بن ثابت مالك ، ، والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه ، إلا أن على مذهبه يجعل ذوي الأرحام أولى من جماعة المسلمين . وأيضا على قياس من يقول بالرد يرد على الأم بقية المال . أبا حنيفة
وذهب علي وعمر إلى أن عصبته عصبة أمه ( أعني : الذي يرثونها ) . وابن مسعود
وروي عن علي ، أنهم لا يجعلون عصبته عصبة أمه إلا مع فقد الأم وكانوا ينزلون الأم بمنزلة الأب ، وبه قال وابن مسعود الحسن ، ، وابن سيرين ، والثوري وجماعة . وابن حنبل
وعمدة الفريق الأول عموم قوله تعالى : ( فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ) فقالوا : هذه أم ، وكل أم لها الثلث ، فهذه لها الثلث .
وعمدة الفريق الثاني ما روي من حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه ألحق ولد الملاعنة بأمه " ، وحديث ابن عمر عن أبيه عن جده قال : " عمرو بن شعيب " ، وحديث جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " واثلة بن الأسقع " ، وحديث المرأة تحوز ثلاثة أموال : عتيقها ، ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه مكحول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك ، خرج جميع ذلك أبو داود وغيره .
قال القاضي : هذه الآثار المصير إليها واجب ; لأنها قد خصصت عموم الكتاب . والجمهور على أن السنة يخصص بها الكتاب ، ولعل الفريق الأول لم تبلغهم هذه الأحاديث أو لم تصح عندهم ، وهذا القول مروي ، عن ابن عباس وعثمان ، وهو مشهور في الصدر الأول ، واشتهاره في الصحابة دليل على صحة هذه الآثار ، فإن هذا ليس يستنبط بالقياس ، والله أعلم .