المسألة الثامنة
[ الشهادة على الرضاع ]
وأما : فإن قوما قالوا : لا تقبل فيه إلا شهادة امرأتين . وقوما قالوا : لا تقبل فيه إلا شهادة أربع ، وبه قال الشهادة على الرضاع الشافعي وعطاء ; وقوما قالوا تقبل فيه شهادة امرأة واحدة .
[ ص: 425 ] والذين قالوا تقبل فيه شهادة امرأتين : منهم من اشترط في ذلك فشو قولهما بذلك قبل الشهادة . وهو مذهب مالك ، وابن القاسم . ومنهم من لم يشترطه ، وهو قول مطرف . وابن الماجشون
والذين أجازوا أيضا شهادة امرأة واحدة : منهم من لم يشترط فشو قولها قبل الشهادة ، وهو مذهب أبي حنيفة . ومنهم من اشترط ذلك ، وهي رواية عن مالك ، وقد روى عنه أنه لا تجوز فيه شهادة أقل من اثنتين .
والسبب في اختلافهم : أما بين الأربع والاثنين فاختلافهم في شهادة النساء : هل عديل كل رجل هو امرأتان فيما ليس يمكن فيه شهادة الرجل ، أو يكفي في ذلك امرأتان . وستأتي هذه المسألة في كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى .
وأما اختلافهم في قبول شهادة المرأة الواحدة : فمخالفة الأثر الوارد في ذلك للأصل المجمع عليه ، ( أعني : أنه لا يقبل من الرجال أقل من اثنين ، وأن حال النساء في ذلك إما أن يكون أضعف من حال الرجال ، وإما أن تكون أحوالهم في ذلك مساوية للرجال ) ، والإجماع منعقد على أنه لا يقضى بشهادة واحدة ، والأمر الوارد في ذلك هو حديث عقبة بن الحارث قال : " " . وحمل بعضهم هذا الحديث على الندب جمعا بينه وبين الأصول وهو أشبه ، وهي رواية عن يا رسول الله إني تزوجت امرأة ، فأتت امرأة فقالت : قد أرضعتكما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف وقد قيل ؟ دعها عنك مالك .