الفصل العاشر
في مانع المرض
- واختلفوا في ، فقال نكاح المريض أبو حنيفة ، : يجوز . وقال والشافعي مالك في المشهور عنه : إنه لا يجوز ، ويتخرج ذلك من قوله إنه يفرق بينهما وإن صح ، ويتخرج من قوله أيضا إنه لا يفرق بينهما : أن التفريق مستحب غير واجب .
وسبب اختلافهم : تردد النكاح بين البيع وبين الهبة ، وذلك أنه لا تجوز هبة المريض إلا من الثلث ، ويجوز بيعه . ولاختلافهم أيضا سبب آخر وهو : هل يتهم على إضرار الورثة بإدخال وارث زائد أو لا يتهم ؟ .
وقياس النكاح على الهبة غير صحيح ، لأنهم اتفقوا على أن الهبة تجوز إذا حملها الثلث ، ولم يعتبروا بالنكاح هنا بالثلث .
ورد جواز النكاح بإدخال وارث قياس مصلحي لا يجوز عند أكثر الفقهاء .
وكونه يوجب مصالح لم يعتبرها الشرع إلا في جنس بعيد من الجنس الذي يرام فيه إثبات الحكم بالمصلحة ، حتى إن قوما رأوا أن القول بهذا القول شرع زائد ، وإعمال هذا القياس يوهن ما في الشرع من التوقيف ، وأنه لا يجوز الزيادة فيه كما لا يجوز النقصان .
والتوقف أيضا عن اعتبار المصالح تطرق للناس أن يتسرعوا لعدم السنن التي في ذلك الجنس إلى الظلم ، فلنفوض أمثال هذه المصالح إلى العلماء بحكمة الشرائع الفضلاء الذين لا يتهمون بالحكم بها ; وبخاصة إذا فهم من أهل ذلك الزمان أن في الاشتغال بظواهر الشرائع تطرقا إلى الظلم، ووجه عمل الفاضل العالم في ذلك أن ينظر إلى شواهد الحال ، فإن دلت الدلائل على أنه قصد بالنكاح خيرا لا يمنع النكاح ، وإن دلت على أنه قصد الإضرار بورثته منع من ذلك ، كما في أشياء كثيرة من الصنائع يعرض فيها للصناع الشيء وضده مما اكتسبوا من قوة مهنتهم إذ لا يمكن أن يحد في ذلك حد مؤقت صناعي ، وهذا كثيرا ما يعرض في صناعة الطب وغيرها من الصنائع المختلفة .
[ ص: 431 ]