المسألة الثانية
[ هل نقص عدد الطلقات يعتبر برق الزوج أم الزوجة ؟ ]
وأما اختلافهم في اعتبار نقص عدد الطلاق البائن بالرق : فمنهم من قال : المعتبر فيه الرجال ، فإذا كان الزوج عبدا كان طلاقه البائن الطلقة الثانية ، سواء كانت الزوجة حرة أو أمة ، وبهذا قال مالك ، والشافعي ، ومن الصحابة عثمان بن عفان ، وزيد بن ثابت ، وابن عباس ، وإن كان اختلف عنده في ذلك ، لكن الأشهر عنه هو هذا القول .
ومنهم من قال : إن الاعتبار في ذلك هو بالنساء ، فإذا كانت الزوجة أمة كان طلاقها البائن الطلقة الثانية ، سواء كان الزوج عبدا أو حرا ، وممن قال بهذا القول من الصحابة : علي ، وابن مسعود ، ومن فقهاء الأمصار أبو حنيفة وغيره .
وفي المسألة قول أشذ من هذين وهو : أن الطلاق يعتبر برق من رق منهما ، قال ذلك عثمان البتي وغيره وروي عن ابن عمر .
[ ص: 444 ] وسبب هذا الاختلاف : هل المؤثر في هذا هو رق المرأة ، أو رق الرجل .
فمن قال : التأثير في هذا لمن بيده الطلاق قال : يعتبر بالرجال . ومن قال : التأثير في هذا للذي يقع عليه الطلاق ، قال : هو حكم من أحكام المطلقة ، فشبهوها بالعدة .
وقد أجمعوا على أن العدة بالنساء ( أي : نقصانها تابع لرق النساء ) .
واحتج الفريق الأول بما روي عن ابن عباس مرفوعا إلى النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : " الطلاق بالرجال ، والعدة بالنساء " . إلا أنه حديث لم يثبت في الصحاح .
وأما من اعتبر من رق منهما : فإنه جعل سبب ذلك هو الرق مطلقا ، ولم يجعل سبب ذلك لا الذكورية ولا الأنوثية مع الرق .


