باب في بعث الحكمين .
- اتفق العلماء على جواز ; وجهلت أحوالهما في التشاجر ( أعني : المحق من المبطل ) لقوله تعالى : ( بعث الحكمين إذا وقع التشاجر بين الزوجين وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ) الآية .
وأجمعوا على أن : أحدهما من قبل الزوج ، والآخر من قبل المرأة ، إلا أن لا يوجد في أهلهما من يصلح لذلك فيرسل من غيرهما . الحكمين لا يكونان إلا من أهل الزوجين
وأجمعوا على أن لم ينفذ قولهما . وأجمعوا على أن قولهما في الجمع بينهما نافذ بغير توكيل من الزوجين . الحكمين إذا اختلفا
[ ص: 474 ] واختلفوا في تفريق الحكمين بينهما إذا اتفقا على ذلك هل يحتاج إلى إذن من الزوج أو لا يحتاج إلى ذلك ؟ .
فقال مالك وأصحابه : يجوز قولهما في الفرقة والاجتماع بغير توكيل الزوجين ولا إذن منهما في ذلك . وقال ، الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما : ليس لهما أن يفرقا ، إلا أن يجعل الزوج إليهما التفريق .
وحجة مالك ما رواه من ذلك عن أنه قال في الحكمين : إليهما التفرقة بين الزوجين والجمع . علي بن أبي طالب
وحجة ، الشافعي وأبي حنيفة أن الأصل أن الطلاق ليس بيد أحد سوى الزوج أو من يوكله الزوج .
واختلف أصحاب مالك في الحكمين يطلقان ثلاثا ، فقال ابن القاسم : تكون واحدة ، وقال أشهب والمغيرة : تكون ثلاثا إن طلقاها ثلاثا .
والأصل أن الطلاق بيد الرجل إلا أن يقوم دليل على غير ذلك .
وقد احتج الشافعي وأبو حنيفة بما روي في حديث علي هذا أنه قال للحكمين : هل تدريان ما عليكما ؟ إن رأيتما أن تجمعا جمعتما ، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما ، فقالت المرأة رضيت بكتاب الله وبما فيه لي وعلي ، فقال الرجل : أما الفرقة فلا ، فقال علي : لا والله لا تنقلب حتى تقر بمثل ما أقرت به المرأة ، قال : فاعتبر في ذلك إذنه . ومالك يشبه الحكمين بالسلطان ، والسلطان يطلق بالضرر عند مالك إذا تبين .