الفصل الثاني في صفات المتلاعنين .
وأما ، فإن قوما قالوا : يجوز اللعان بين كل زوجين حرين كانا ، أو عبدين ، أو أحدهما حر والآخر عبد ، محدودين كانا ، أو عدلين ، أو أحدهما ، مسلمين كانا ، أو كان الزوج مسلما ، والزوجة كتابية ، ولا لعان بين كافرين إلا أن يترافعا إلينا ، وممن قال بهذا القول صفة المتلاعنين مالك ، ; وقال والشافعي أبو حنيفة وأصحابه : لا لعان إلا بين مسلمين حرين عدلين . وبالجملة فاللعان عندهم إنما يجوز لمن كان من أهل الشهادة .
[ ص: 491 ] وحجة أصحاب القول الأول عموم قوله تعالى : ( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ) ، ولم يشترط في ذلك شرطا . ومعتمد الحنفية أن اللعان شهادة ، فيشترط فيها ما يشترط في الشهادة ، إذ قد سماهم الله شهداء لقوله : ( فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله ) ويقولون : إنه لا يكون لعان إلا بين من يجب عليه الحد في القذف الواقع بينهما .
وقد اتفقوا على أن ، وكذلك الكافر ، فشبهوا من يجب عليه اللعان بمن يجب في قذفه الحد ، إذ كان اللعان إنما وضع لدرء الحد مع نفي النسب ، وربما احتجوا بما روى العبد لا يحد بقذفه ، عن أبيه ، عن جده : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " عمرو بن شعيب لا لعان بين أربعة : العبدين ، والكافرين " ، والجمهور يرون أنه يمين ، وإن كان يسمى شهادة ، فإن أحدا لا يشهد لنفسه ، وأما أن الشهادة قد يعبر عنها باليمين فذلك بين في قوله تعالى : ( إذا جاءك المنافقون قالوا ) الآية ، ثم قال : ( اتخذوا أيمانهم جنة ) .
وأجمعوا على جواز ، واختلفوا في لعان الأعمى ، فقال الأخرس مالك ، : يلاعن الأخرس إذا فهم عنه ، وقال والشافعي أبو حنيفة : لا يلاعن لأنه ليس من أهل الشهادة ، وأجمعوا على أن من شرطه العقل ، والبلوغ .