[ ص: 550 ] المسألة الثانية .  
وهي اختلافهم في بيع مال العبد .  
وذلك أنهم اختلفوا في  مال العبد : هل يتبعه في البيع والعتق   ؟ على ثلاثة أقوال :  
أحدها : أن ماله في البيع والعتق لسيده ، وكذلك في المكاتب ، وبه قال   الشافعي  ، والكوفيون .  
والثاني : أن ماله تبع له في البيع والعتق ، وهو قول  داود  ،   وأبي ثور     .  
والثالث : أنه تبع له في العتق لا في البيع إلا أن يشترطه المشتري ، وبه قال  مالك  ،  والليث     .  
فحجة من رأى أن ماله في البيع لسيده إلا أن يشترطه المبتاع : حديث   ابن عمر  المشهور ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "  من باع عبدا وله مال فماله للذي باعه إلا أن يشترطه المبتاع     " . ومن جعله لسيده في العتق فقياسا على البيع .  
وحجة من رأى أنه تبع للعبد في كل حال : انبنت على كون العبد مالكا عندهم ، وهي مسألة اختلف العلماء فيها اختلافا كثيرا ( أعني : هل يملك العبد ، أو لا يملك ؟ ) ويشبه أن يكون هؤلاء إنما غلبوا القياس على السماع; لأن حديث   ابن عمر  هو حديث خالف فيه نافع سالما; لأن  نافعا  رواه عن   ابن عمر  ،  وسالما  رواه عن   ابن عمر  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .  
وأما  مالك  ، فغلب القياس في العتق والسماع في البيع . وقال  مالك  في الموطإ : الأمر المجتمع عليه عندنا أن المبتاع إذا اشترط مال العبد فهو له نقدا كان ، أو عرضا ، أو دينا . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "  من أعتق غلاما فماله له إلا أن يستثنيه سيده     " ، ويجوز عند  مالك  أن يشتري العبد وماله بدراهم ، وإن كان مال العبد دراهم أو فيه دراهم .  
وخالفه  أبو حنيفة  ،   والشافعي  إذا كان مال العبد نقدا ، وقالوا : العبد وماله بمنزلة من باع شيئين لا يجوز فيهما إلا ما يجوز في سائر البيوع .  
واختلف أصحاب  مالك  في  اشتراط المشتري لبعض مال العبد في صفقة البيع      : فقال  ابن القاسم     : لا يجوز ، وقال  أشهب     : جائز أن يشترط بعضه ، وفرق بعضهم فقال : إن كان ما اشترى به العبد عينا وفي مال العبد عين لم يجز ذلك; لأنه يدخله دراهم بعرض ودراهم ، وإن كان ما اشترى به عروضا أو لم يكن في مال العبد دراهم جاز .  
ووجه قول  ابن القاسم  إنه لا يجوز أن يشترط بعضه : تشبيهه بثمر النخل بعد الإبار . ووجه قول  أشهب  تشبيه الجزء بالكل ، وفي هذا الباب مسائل مسكوت عنها كثيرة ليست مما قصدناه .  
ومن مشهور مسائلهم في هذا الباب :  الزيادة ، والنقصان اللذان يقعان في الثمن الذي انعقد عليه البيع بعد البيع   بما يرضى به المتبايعان ( أعني : أن يزيد المشتري البائع بعد البيع على الثمن الذي انعقد عليه البيع أو يحط منه البائع ، هل يتبع حكم الثمن أم لا ؟ ) ، وفائدة الفرق : أن من قال هي من الثمن أوجب ردها في الاستحقاق ، وفي الرد بالعيب وما أشبه ذلك .  
وأيضا من جعلها في حكم الثمن الأول إن كانت فاسدة البيع ، ومن لم يجعلها من الثمن ( أعني : الزيادة لم يوجب شيئا من هذا ، فذهب  أبو حنيفة  إلى أنها من الثمن إلا أنه قال لا تثبت الزيادة في حق      [ ص: 551 ] الشفيع ولا في بيع المرابحة ، بل الحكم للثمن الأول ، وبه قال  مالك     .  
وقال   الشافعي     : لا تلحق الزيادة والنقصان بالثمن أصلا وهو في حكم الهبة ، واستدل من ألحق الزيادة بالثمن بقوله عز وجل : (  ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة      ) قالوا : وإذا لحقت الزيادة في الصداق بالصداق لحقت في البيع بالثمن .  
واحتج الفريق الثاني : باتفاقهم على أنها لا تلحق في الشفعة .  
وبالجملة : من رأى أن العقد الأول قد تقرر قال : الزيادة هبة . ومن رأى أنها فسخ للعقد الأول وعقد ثان عدها من الثمن .  
				
						
						
