[ دية المرأة ]  
واتفقوا على أن  دية المرأة   نصف دية الرجل في النفس . واختلفوا في ديات الشجاج وأعضائها ، فقال جمهور فقهاء  المدينة      : تساوي المرأة الرجل في عقلها من الشجاج والأعضاء إلى أن تبلغ ثلث الدية ، فإذا بلغت ثلث الدية عادت ديتها إلى النصف من دية الرجل ( أعني : دية أعضائها من أعضائه ) .  
مثال ذلك أن في كل أصبع من أصابعها عشرا من الإبل ، وفي اثنين منها عشرون ، وفي ثلاثة ثلاثون ، وفي أربعة عشرون ، وبه قال  مالك  وأصحابه   والليث بن سعد  ، ورواه  مالك  عن   سعيد بن المسيب  وعن   عروة بن الزبير  ، وهو قول   زيد بن ثابت  ومذهب   عمر بن عبد العزيز  ، وقالت طائفة : بل دية جراحة المرأة مثل دية جراحة الرجل إلى الموضحة ، ثم تكون ديتها على النصف من دية الرجل وهو الأشهر من قولي   ابن مسعود  ، وهو مروي عن  عثمان  ، وبه قال  شريح  وجماعة ، وقال قوم : بل دية المرأة في جراحها وأطرافها على النصف من دية الرجل في قليل ذلك وكثيره ، وهو قول  علي     - رضي الله عنه - ، وروي ذلك عن   ابن مسعود  ، إلا أن الأشهر عنه ما ذكرناه أولا ، وبهذا القول قال  أبو حنيفة   والشافعي   والثوري     .  
وعمدة قائل هذا القول أن الأصل هو أن دية المرأة نصف دية الرجل فواجب التمسك بهذا الأصل حتى يأتي دليل من السماع الثابت ، إذ القياس في الديات لا يجوز وبخاصة لكون القول بالفرق بين القليل والكثير مخالفا للقياس ولذلك قال  ربيعة  لسعيد  ما يأتي ذكره عنه ، ولا اعتماد للطائفة الأولى إلا مراسيل ،      [ ص: 741 ] وما روي  عن   سعيد بن المسيب  حين سأله   ربيعة بن أبي عبد الرحمن     : " كم في أربع من أصابعها ؟ قال : عشرون " ، قلت : حين عظم جرحها واشتدت بليتها نقص عقلها ، قال : أعراقي أنت ؟ قلت بل عالم متثبت أو جاهل متعلم ، قال : هي السنة     . وروي أيضا عن النبي - عليه الصلاة والسلام - من مرسل   عمرو بن شعيب  عن أبيه  وعكرمة     . وقد رأى قوم أن قول الصحابي إذا خالف القياس وجب العمل به ; لأنه يعلم أنه لم يترك القول به إلا عن توقيف ، لكن في هذا ضعف إذ كان يمكن أن يترك القول به إما لأنه لا يرى القياس ، وإما لأنه عارضه في ذلك قياس ثان أو قلد في ذلك غيره . فهذه حال ديات جراح الأحرار والجنايات على أعضائها الذكور منها والإناث .  
				
						
						
