المسألة الخامسة
[ البول ]
اتفق العلماء على إلا نجاسة بول ابن آدم ورجيعه ، واختلفوا فيما سواه من بول الصبي الرضيع ، فذهب الحيوان الشافعي وأبو حنيفة إلى أنها كلها نجسة .
وذهب قوم إلى طهارتها بإطلاق ( أعني فضلتي سائر الحيوان ، البول والرجيع ) وقال قوم : أبوالها وأرواثها تابعة للحومها ، فما كان منها ، وما كان منها لحومها محرمة فأبوالها وأرواثها نجسة محرمة ، ما عدا التي تأكل النجاسة ، وما كان منها مكروها فأبوالها ، وأرواثها مكروهة ، وبهذا قال لحومها مأكولة فأبوالها وأرواثها طاهرة مالك كما قال أبو حنيفة بذلك في الأسآر .
وسبب اختلافهم شيئان : أحدهما : اختلافهم في مفهوم الإباحة الواردة في الصلاة في مرابض الغنم ، وإباحته - عليه الصلاة والسلام - للعرنيين شرب أبوال الإبل وألبانها ، وفي مفهوم . النهي عن الصلاة في أعطان الإبل
والسبب الثاني : اختلافهم في قياس سائر الحيوان في ذلك على الإنسان ، فمن قاس سائر الحيوان على الإنسان ورأى أنه من باب قياس الأولى والأحرى لم يفهم من إباحة الصلاة في مرابض الغنم طهارة أرواثها ، وأبوالها ، جعل ذلك عبادة ، ومن فهم من النجاسة ، وجعل إباحته النهي عن الصلاة في أعطان الإبل للعرنيين أبوال الإبل لمكان المداواة على أصله في إجازة ذلك قال : كل رجيع وبول فهو نجس ، ومن فهم من حديث طهارة أرواثها وأبوالها ، وكذلك من حديث إباحة الصلاة في مرابض الغنم العرنيين وجعل عبادة أو لمعنى غير معنى النجاسة ، وكان الفرق [ ص: 71 ] عنده بين الإنسان وبهيمة الأنعام أن فضلتي الإنسان مستقذرة بالطبع وفضلتي بهيمة الأنعام ليست كذلك جعل الفضلات تابعة للحوم ، والله أعلم . ومن قاس على بهيمة الأنعام غيرها جعل الفضلات كلها ما عدا فضلتي الإنسان غير نجسة ولا محرمة والمسألة محتملة ، ولولا أنه لا يجوز إحداث قول لم يتقدم إليه أحد في المشهور ، وإن كانت مسألة فيها خلاف لقيل إن ما ينتن منها ويستقذر بخلاف ما لا ينتن ولا يستقذر ، وبخاصة ما كان منها رائحته حسنة لاتفاقهم على إباحة العنبر وهو عند أكثر الناس فضلة من فضلات حيوان البحر ، وكذلك المسك ، وهو فضلة دم الحيوان الذي يوجد المسك فيه فيما يذكر . النهي عن الصلاة في أعطان الإبل