كتاب الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما .
الصلاة تنقسم أولا وبالجملة إلى فرض وندب .
والقول المحيط بأصول هذه العبادة ينحصر بالجملة في أربعة أجناس : ( أعني أربع جمل ) : الجملة الأولى : في معرفة الوجوب وما يتعلق به .
والجملة الثانية : في معرفة شروطها الثلاثة : ( أعني شروط الوجوب وشروط الصحة وشروط التمام والكمال ) والجملة الثالثة : في معرفة ما تشتمل عليه من أفعال وأقوال ، وهي الأركان .
والجملة الرابعة : في قضائها ومعرفة إصلاح ما يقع فيها من الخلل وجبره ; لأنه قضاء إذا كان استدراكا لما فات .
الجملة الأولى
[ في معرفة وجوب الصلاة ]
وهذه الجملة فيها أربع مسائل هي في معنى أصول هذا الباب .
المسألة الأولى : في بيان وجوبها . الثانية : في بيان عدد الواجبات منها . الثالثة : في بيان على من تجب . الرابعة : ما الواجب على من تركها متعمدا ؟ .
المسألة الأولى
أما وجوبها ، فبين من الكتاب والسنة والإجماع ، وشهرة ذلك تغني عن تكلف القول فيه .
المسألة الثانية
وأما عدد الواجب منها ففيه قولان .
[ ص: 78 ] أحدهما : قول مالك والأكثر ، وهو أن والشافعي فقط لا غير . الواجب هي الخمس صلوات
والثاني : قول أبي حنيفة وأصحابه ، وهو أن الوتر واجب مع الخمس ، واختلافهم هل يسمى ما ثبت بالسنة واجبا أو فرضا لا معنى له .
وسبب اختلافهم : الأحاديث المتعارضة ، أما الأحاديث التي مفهومها وجوب الخمس فقط بل هي نص في ذلك فمشهورة وثابتة ، ومن أبينها في ذلك ما ورد في حديث الإسراء المشهور " موسى : ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، قال : فراجعته ، فقال تعالى : هي خمس ، وهي خمسون لا يبدل القول لدي " وحديث الأعرابي المشهور الذي سأل النبي - عليه الصلاة والسلام - عن الإسلام فقال له : " أنه لما بلغ الفرض إلى خمس قال له " وأما الأحاديث التي مفهومها وجوب الوتر ، فمنها حديث خمس صلوات في اليوم والليلة ، قال : هل علي غيرها ؟ قال : لا ، إلا أن تطوع عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " عمرو بن شعيب " وحديث إن الله قد زادكم صلاة وهي الوتر فحافظوا عليها حارثة بن حذافة قال : " " وحديث خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " إن الله أمركم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم وهي الوتر ، وجعلها لكم فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " بريدة الأسلمي فمن لم يوتر فليس منا الوتر حق " فمن رأى أن الزيادة هي نسخ ولم تقو عنده هذه الأحاديث قوة تبلغ بها أن تكون ناسخة لتلك الأحاديث الثابتة المشهورة - رجح تلك الأحاديث ، وأيضا فإنه ثبت من قوله تعالى في حديث الإسراء " " وظاهره أنه لا يزاد فيها ، ولا ينقص منها ، وإن كان هو في النقصان أظهر ، والخبر ليس يدخله النسخ . ومن بلغت عنده قوة هذه الأخبار التي اقتضت الزيادة على الخمس إلى رتبة توجب العمل أوجب المصير إلى هذه الزيادة ، لا سيما إن كان ممن يرى أن الزيادة لا توجب نسخا ، لكن ليس هذا من رأي إنه لا يبدل القول لدي أبي حنيفة .
المسألة الثالثة
[ ] على من تجب الصلاة
وأما على من تجب فعلى المسلم البالغ ولا خلاف في ذلك .