المسألة الثانية
[ ] حدود أوقات الضرورة والعذر
اختلف مالك في آخر الوقت المشترك لهما ، فقال والشافعي مالك : هو للظهر والعصر من بعد الزوال ، بمقدار أربع ركعات للظهر للحاضر وركعتين للمسافر ، إلى أن يبقى للنهار مقدار أربع ركعات للحاضر وركعتين للمسافر فجعل الوقت الخاص للظهر إنما هو مقدار أربع ركعات للحاضر بعد الزوال ، وإما ركعتان للمسافر ، وجعل الوقت الخاص بالعصر إما أربع ركعات قبل المغيب للحاضر وإما ثنتان للمسافر . أعني أنه من أدرك الوقت الخاص فقط لم تلزمه إلا الصلاة الخاصة بذلك الوقت إن كان ممن لم تلزمه الصلاة قبل ذلك الوقت ، ومن أدرك أكثر من ذلك أدرك الصلاتين معا أو حكم ذلك الوقت وجعل آخر الوقت الخاص لصلاة العصر مقدار ركعة قبل الغروب ، وكذلك فعل في اشتراك المغرب والعشاء ، إلا أن الوقت الخاص مرة جعله للمغرب فقال : هو مقدار ثلاث ركعات قبل أن يطلع الفجر ، ومرة جعله للصلاة الأخيرة كما فعل في العصر فقال هو مقدار أربع ركعات وهو القياس ، وجعل آخر هذا الوقت مقدار ركعة قبل طلوع الفجر . وأما فجعل حدود أواخر هذه الأوقات المشتركة حدا واحدا وهو إدراك ركعة قبل غروب الشمس ، وذلك للظهر والعصر معا ، ومقدار ركعة أيضا قبل انصداع الفجر وذلك للمغرب والعشاء معا ، وقد قيل عنه بمقدار تكبيرة ( أعني : أنه من أدرك تكبيرة قبل غروب الشمس فقد لزمته صلاة الظهر والعصر معا ) . وأما الشافعي أبو حنيفة فوافق مالكا في أن آخر وقت العصر مقدار ركعة لأهل الضرورات عنده قبل الغروب ولم يوافق في الاشتراك والاختصاص .
وسبب اختلافهم : ( أعني : مالكا ، ) هل القول باشتراك الوقت للصلاتين معا يقتضي أن لهما وقتين : وقت خاص بهما ووقت مشترك ؟ أم إنما يقتضي أن لهما وقتا مشتركا فقط ؟ وحجة والشافعي أن الجمع إنما دل على الاشتراك فقط لا على وقت خاص . الشافعي
وأما مالك فقاس الاشتراك عنده في وقت الضرورة على الاشتراك عنده في وقت التوسعة : ( أعني : أنه لما كان لوقت الظهر والعصر الموسع وقتان ، وقت مشترك ووقت خاص ، وجب أن يكون الأمر كذلك في أوقات الضرورة ) لا يوافقه على اشتراك الظهر والعصر في وقت التوسعة ، فخلافهما في هذه المسألة إنما ينبني - والله أعلم - على اختلافهم في تلك الأولى فتأمله ، فإنه بين والله أعلم . والشافعي