المسألة السابعة : زعم كثير من الفقهاء أن قوله تعالى : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) يدل على أن ظاهر الأمر للوجوب ، واعترض المتكلمون عليه فقالوا : قوله : ( أطيعوا الله ) فهذا لا يدل على الإيجاب إلا إذا ثبت أن الأمر للوجوب . وهذا يقتضي افتقار الدليل إلى المدلول وهو باطل ، وللفقهاء أن يجيبوا عنه من وجهين :
الأول : أن الأوامر الواردة في الوقائع المخصوصة دالة على الندبية فقوله : ( أطيعوا ) لو كان معناه أن الإتيان بالمأمورات مندوب فحينئذ لا يبقى لهذه الآية فائدة . لأن مجرد الندبية كان معلوما من تلك الأوامر ، فوجب حملها على إفادة الوجوب حتى يقال : إن الأوامر دلت على أن فعل تلك المأمورات أولى من تركها ، وهذه الآية دلت على المنع من تركها فحينئذ يبقى لهذه الآية فائدة .
والثاني : أنه تعالى ختم الآية بقوله : ( إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) وهو وعيد ، فكما أن احتمال اختصاصه بقوله : ( فردوه إلى الله ) قائم ، فكذلك احتمال عوده إلى الجملتين أعني قوله : ( أطيعوا الله ) وقوله : ( فردوه إلى الله ) قائم ، ولا شك أن الاحتياط فيه ، وإذا حكمنا بعود ذلك الوعيد إلى الكل صار قوله : ( أطيعوا الله ) موجبا للوجوب ، فثبت أن هذه الآية دالة على [ ص: 120 ] أن ظاهر الأمر للوجوب ، ولا شك أنه أصل معتبر في الشرع .