الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : اتفق الكل على أن المراد من قوله : ( حتى يؤمن ) الإقرار بالشهادة والتزام أحكام الإسلام ، وعند هذا احتجت الكرامية بهذه الآية على أن الإيمان عبارة عن مجرد الإقرار ، وقالوا : إن الله تعالى جعل الإيمان ههنا غاية التحريم ، والذي هو غاية التحريم ههنا الإقرار ، فثبت أن الإيمان في عرف الشرع عبارة عن الإقرار .

                                                                                                                                                                                                                                            واحتج أصحابنا على فساد هذا المذهب بوجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أنا بينا بالدلائل الكثيرة في تفسير قوله : ( الذين يؤمنون بالغيب ) [البقرة : 3] أن الإيمان عبارة عن التصديق بالقلب .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : قوله تعالى : ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين ) [البقرة : 8] ولو كان الإيمان عبارة عن مجرد الإقرار لكان قوله تعالى : ( وما هم بمؤمنين ) كذبا .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قوله : ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ) [الحجرات : 14] ولو كان الإيمان عبارة عن مجرد الإقرار لكان قوله : ( قل لم تؤمنوا ) كذبا . ثم أجابوا عن تمسكهم بهذه الآية بأن التصديق الذي في القلب لا يمكن الاطلاع عليه فأقيم الإقرار باللسان مقام التصديق بالقلب . [ ص: 52 ]

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية