الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          والتلبية سنة ، ويستحب رفع الصوت بها والإكثار منها ، والدعاء بعدها ، ويلبي إذا علا نشزا ، أو هبط واديا ، وفي دبر الصلوات المكتوبات وإقبال الليل والنهار ، وإذا التقت الرفاق ولا ترفع المرأة صوتها إلا بقدر ما تسمع رفيقتها .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( والتلبية سنة ) لفعله - عليه السلام - ، ولأنها ذكر فيه فلم تجب كسائر الأذكار .

                                                                                                                          ( ويستحب رفع الصوت بها ) لخبر السائب بن خلاد مرفوعا : أتاني جبريل يأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال ، والتلبية . رواه الخمسة ، وصححه الترمذي .

                                                                                                                          وعن أبي بكر الصديق : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل أي الحج أفضل قال : العج والثج وفيه عبد الرحمن بن يربوع ، وهو مختلف فيه فالعج رفع الصوت بالتلبية ، والثج إسالة الدماء بالنحر ، ويستثنى منه مساجد الحل وأمصاره ، وطواف القدوم والسعي بعده ، فلا يستحب إظهاره ، والمنقول عن أحمد : إذا أحرم في مصره لا يعجبني أن يلبي حتى يبرز لقول ابن عباس ، واحتج القاضي وأصحابه أن إخفاء التطوع أولى خوف الرياء على من لا يشاركه في تلك العبادة بخلاف البراري [ ص: 134 ] وعرفات ، ومكة ، والحرم ، ( والإكثار منها ) لخبر سهل بن سعد : ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه ، وعن شماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا ، وهاهنا . رواه ابن ماجه ، وفيه إسماعيل بن عياش عن المدنيين ، وهو ضعيف عندهم ، وهو للترمذي بإسناد جيد ، ويسن ذكر نسكه فيها ، وذكر العمرة قبل الحج للقارن ، نص عليه ، وفيه وجه لا يسن ، وعلى الأول لا يسن تكرارها في حالة واحدة قاله أحمد ، واستحبه في " الخلاف " لتلبسه بالعبادة ، وقال المؤلف : حسن فإن الله وتر يحب الوتر ، ( والدعاء بعدها ) لما روى خزيمة بن ثابت مرفوعا : أنه كان يسأل الله رضوانه والجنة ، ويستعيذ برحمته من النار . رواه الشافعي بإسناد ضعيف ، ولأنه مظنة إجابة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدها لقول القاسم بن محمد : كان يستحب ذلك " فيه صالح بن محمد بن زائدة قواه أحمد ، وضعفه غيره ، ولأنه يشرع فيه ذكر الله كصلاة ، وأذان ( ويلبي ) أي : يتأكد في مواضع ( إذا علا نشزا ) وهو المكان المرتفع بفتح الشين ، وسكونها ( أو هبط واديا ، وفي دبر الصلوات المكتوبات ) أي : منها ، ( وإقبال الليل ، والنهار ) أي : بأولهما ، ( وإذا التقت الرفاق ) لقول جابر كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي كذلك ، وقال النخعي : كانوا يستحبون التلبية دبر الصلوات المكتوبة ، وإذا هبط واديا ، أو علا نشزا ، أو لقي راكبا ، أو استوت به راحلته .

                                                                                                                          وتستحب إذا أتى محظورا ناسيا أو ركب زاد في " الرعاية " : أو نزل ، وفي " المستوعب " يستحب عند تنقل الأحوال به ، وزاد : وإذا رأى البيت . ( ولا ترفع المرأة صوتها بها إلا بقدر ما تسمع رفيقتها ) وقاله في " المحرر " [ ص: 135 ] و " الوجيز " وغيرهما ; لأن صوتها عورة ، فلم يشرع لها الرفع إلا بما ذكر ، والمراد به : المزاملة لها ، لكن السنة أنها لا ترفع صوتها بها ، وحكاه ابن عبد البر إجماعا ، ويكره جهرها أكثر من قدر سماع رفيقتها خوف الفتنة . وظاهر كلام بعض أصحابنا تقتصر على إسماع نفسها قال في " الفروع " : وهو متجه .

                                                                                                                          فائدة : لا تشرع التلبية إلا بالعربية إن قدر كأذان ، ولم يجوز أبو المعالي الأذان بغير العربية إلا لنفسه مع العجز




                                                                                                                          الخدمات العلمية