الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وذكر أبو نصر السجزي الحافظ قول الراوي: "بلغني" نحو قول مالك: "بلغني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: للمملوك طعامه وكسوته.." الحديث، وقال: - أي السجزي -: "أصحاب الحديث يسمونه المعضل".

قلت: وقول المصنفين من الفقهاء وغيرهم: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا" ونحو ذلك، كله من قبيل المعضل؛ لما تقدم. وسماه الخطيب أبو بكر الحافظ في بعض كلامه مرسلا، وذلك على مذهب من يسمي كل ما لا يتصل مرسلا كما سبق.

وإذا روى تابع التابع عن التابع حديثا موقوفا عليه، وهو حديث متصل مسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جعله الحاكم أبو عبد الله نوعا من المعضل.

مثاله: ما رويناه عن الأعمش، عن الشعبي قال: يقال للرجل يوم القيامة: "عملت كذا وكذا؟ فيقول: ما عملته، فيختم على فيه.." الحديث. فقد أعضله الأعمش، وهو عند الشعبي عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متصلا مسندا.

قلت: هذا جيد حسن؛ لأن هذا الانقطاع بواحد مضموما إلى الوقف يشتمل على الانقطاع باثنين: الصحابي ورسول الله صلى الله عليه وسلم، فذلك باستحقاق اسم الإعضال أولى، والله أعلم.

[ ص: 413 ]

التالي السابق


[ ص: 413 ] 51 - قوله: (وذكر أبو نصر السجزي الحافظ قول الراوي: "بلغني" نحو قول مالك: "بلغني عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: للمملوك طعامه وكسوته.." الحديث، وقال: "أصحاب الحديث يسمونه المعضل") انتهى.

[ ص: 414 ] وقد استشكل كون هذا الحديث معضلا؛ لجواز أن يكون الساقط بين مالك وبين أبي هريرة واحدا، فقد سمع مالك من جماعة من أصحاب أبي هريرة كسعيد المقبري، ونعيم المجمر، ومحمد بن المنكدر، فلم جعله معضلا؟

[ ص: 415 ] والجواب أن مالكا قد وصل هذا الحديث خارج الموطأ، فرواه عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، فقد عرفنا سقوط اثنين منه؛ فلذلك سموه معضلا. والله أعلم.




الخدمات العلمية