الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
. باب تفسير لبن الفحل ( قال رحمه الله ) ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الرجل يكون له امرأتان أو أمتان قد ولدتا منه فترضع إحداهما صبيا والأخرى صبية قال ابن عباس رضي الله عنهما اللقاح واحد وبه نأخذ فنقول تحرم المناكحة بين هذين الصبيين بسبب الأخوة لأب من الرضاع ، ومن العلماء من يقول لا تثبت فقالوا حرمة الرضاع إنما تثبت من جانب الآباء فما لم يجتمع صغيران على ثدي واحد لا تثبت بينهما الأخوة من الرضاعة ، وهذا ; لأن السبب هو الإرضاع ، وإنما يتحقق ذلك من جهة النساء دون الرجال وثبوت الحرمة بسبب البعضية تشبه حرمة اللبن لقرب بعضها إلى بعض

ولو باشر الرجل الإرضاع بأن نزل اللبن في ثندوته فأرضع صبيين لا تثبت الأخوة بينهما فبإرضاع غيره كيف تثبت الأخوة في جانبه

وحجتنا في ذلك حديث عروة { عن عائشة رضي الله عنها أن أفلح بن أبي قعيس استأذن عليها فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال ليلج أفلح ، فإنه عمك من الرضاعة فقالت إنما أرضعتني المرأة دون الرجل فقال ليلج عليك أفلح فإنه عمك من الرضاعة } ، وفي حديث آخر { عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها فسمعت صوت رجل يستأذن على حفصة رضي الله عنها فقالت يا رسول الله هذا رجل يستأذن على حفصة فقال ما أحسبه إلا بداح عمها من الرضاعة فقالت : أرأيت لو كان فلان عمي من الرضاعة حيا أكان يدخل علي فقال نعم } ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم شبه الرضاعة بالنسب والحرمة بالنسب تثبت من الجانبين [ ص: 294 ] فكذلك سبب الإرضاع ; لأن وطء الزوج ، كما كان سببا لولادتها كان سببا لنزول اللبن لها وما ينزل من ثندوة الرجل ليس بلبن على الحقيقة ; لأن اللبن إنما يتصور ممن تتصور منه الولادة وعلى هذا نقول في الأخوين إذا أرضعت امرأة أحدهما صبية فليس للأخ الآخر أن يتزوجها ; لأنها ابنة أخيه والأصل فيه ما روي { أن عليا رضي الله عنه لما عرض ابنة حمزة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها ابنة أخي من الرضاعة }

التالي السابق


الخدمات العلمية