الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله . الآية . أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن نافع في قوله : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال : نزلت في الثلاثة الذين خلفوا : قيل لهم : كونوا مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن كعب بن مالك قال : فينا نزلت أيضا : اتقوا الله وكونوا مع الصادقين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عمر في قوله : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال : مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله : وكونوا مع الصادقين قال : مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 582 ] وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، وابن عساكر ، عن الضحاك في قوله : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال : أمروا أن يكونوا مع أبي بكر وعمر وأصحابهما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال : مع علي بن أبي طالب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر عن أبي جعفر في قوله : وكونوا مع الصادقين قال : مع علي بن أبي طالب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، عن السدي في قوله : اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال : كونوا مع كعب بن مالك، ومرارة بن ربيعة، وهلال بن أمية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن عدي، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن عبد الله بن مسعود قال : لا يصلح الكذب في جد ولا هزل، ولا أن يعد أحدكم صبيه شيئا ثم لا ينجزه، اقرءوا إن شئتم : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال : وهي في قراءة عبد الله هكذا، قال : فهل تجدون لأحد رخصة في الكذب؟!

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 583 ] وأخرج ابن الأنباري في "المصاحف" عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ : وكونوا مع الصادقين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود الطيالسي، والبخاري في "الأدب"، وابن عدي، والبيهقي في "الشعب"، عن أبي بكر الصديق، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : عليكم بالصدق فإنه يهدي إلى البر، وهما في الجنة، وإياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور، وهما في النار، ولا يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقا، ولا يزال يكذب حتى يكتب عند الله كذابا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، والبخاري ، ومسلم ، وابن أبي حاتم ، وابن عدي، والبيهقي ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يا أيها الناس اجتنبوا الكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإنه يقال : صدق وبر، وكذب وفجر .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 584 ] وأخرج أحمد ، والبيهقي في "الشعب" عن مالك الجشمي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : أرأيت لو كان لك عبدان؛ أحدهما يخونك ويكذبك حديثا، والآخر لا يخونك ويصدقك حديثا؛ أيهما أحب إليك؟ قال : قلت : الذي لا يخونني، ويصدقني حديثا . قال : كذلك أنتم عند ربكم عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي ، عن ابن مسعود ، رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال : إن الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل، ولا يعد الرجل ابنه ثم لا ينجز له، إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، إنه يقال للصادق : صدق وبر . ويقال للكاذب : كذب وفجر . وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، ويكذب حتى يكتب عند الله كذابا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، والبيهقي عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال : ما يحملكم على أن تتايعوا على الكذب كما يتتايع الفراش في النار، كل الكذب يكتب على ابن آدم إلا رجل كذب في [ ص: 585 ] خديعة حرب، أو إصلاح بين اثنين، أو رجل يحدث امرأته ليرضيها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن النواس بن سمعان الكلابي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لي أراكم تتهافتون في الكذب تهافت الفراش في النار، كل كذب مكتوب كذبا لا محالة، إلا أن يكذب الرجل في الحرب، فإن الحرب خدعة، أو يكذب بين الرجلين ليصلح بينهما، أو يكذب امرأته ليرضيها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن ابن شهاب قال : ليس بكاذب من درأ عن نفسه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عدي، والبيهقي وضعفه عن أبي بكر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الكذب مجانب للإيمان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن عدي، والبيهقي ، عن أبي بكر الصديق قال : إياكم والكذب فإن الكذب مجانب للإيمان . قال البيهقي : هذا هو الصحيح موقوف .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 586 ] وأخرج ابن عدي، والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يطبع المؤمن على كل شيء إلا الخيانة والكذب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عدي عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يطبع المؤمن على كل خلق ليس الخيانة والكذب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عدي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن ليطبع على خلال شتى؛ على الجود، والبخل، وحسن الخلق، ولا يطبع المؤمن على الكذب، ولا يكون المؤمن كذابا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن عبد الله بن أبي أوفى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المؤمن يطبع على كل خلق إلا الكذب والخيانة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم في "الحلية" عن جعفر بن محمد قال : يبنى الإنسان على [ ص: 587 ] خصال فمهما بني عليه فإنه لا يبنى على الخيانة والكذب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك، والبيهقي ، عن صفوان بن سليم، أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أيكون المؤمن جبانا؟ قال : نعم . قيل : أيكون المؤمن بخيلا؟ قال : نعم . قيل : أيكون المؤمن كذابا قال : لا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو يعلى والبيهقي وضعفه عن أبي برزة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الكذب يسود الوجه، والنميمة عذاب القبر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي ، عن عائشة قالت : ما كان خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب، ولقد كان الرجل يكذب عنده الكذبة، فما يزال في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وهناد بن السري في "الزهد"، وابن عدي، والبيهقي ، عن النواس بن سمعان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثا هو لك مصدق وأنت به كاذب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، والبيهقي عن أسماء بنت عميس قالت كنت صاحبة عائشة التي هيأتها، فأدخلتها على النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة، فما وجدنا عنده قرى إلا [ ص: 588 ] قدحا من لبن، فتناوله فشرب منه، ثم ناوله عائشة، فاستحيت منه، فقلت : لا تردي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأخذته فشربته، ثم قال : ناولي صواحبك . فقلت : لا نشتهيه . فقال : لا تجمعن كذبا وجوعا . فقلت : إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه : لا أشتهي . أيعد ذلك كذبا؟ فقال : إن الكذب يكتب كذبا حتى الكذيبة تكتب كذيبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، والبيهقي ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتنا وأنا صبي صغير، فذهبت ألعب، فقالت أمي : يا عبد الله تعال أعطيك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أردت أن تعطيه؟ قالت : أردت أن أعطيه تمرا . قال : أما إنك لو لم تفعلي لكتبت عليك كذبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطيالسي ، وأحمد ، والترمذي وصححه، والدارمي، وأبو يعلى ، وابن حبان ، والطبراني ، والبيهقي ، والضياء، عن الحسن بن علي : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، [ ص: 589 ] فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة : إن أعظم الخطيئة عند الله اللسان الكاذب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عدي عن أبي بكر الصديق قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : الصدق أمانة والكذب خيانة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن ماجه ، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"، والبيهقي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قلنا يا رسول الله، من خير الناس؟ قال : ذو القلب المخموم واللسان الصادق . قلنا : قد عرفنا اللسان الصادق، فما القلب المخموم؟ قال : التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد . قلنا يا رسول الله، فمن على أثره؟ قال : الذي يشنأ الدنيا ويحب الآخرة . قلنا : ما نعرف هذا فينا إلا رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن على أثره؟ قال : مؤمن في حسن خلق . قلنا : أما هذا [ ص: 590 ] ففينا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في "الشعب" عن عمر بن الخطاب قال : لا تجد المؤمن كذابا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب قال : لا تنظروا إلى صلاة أحد ولا إلى صيامه، ولكن انظروا إلى من إذا حدث صدق، وإذا ائتمن أدى، وإذا أشفى ورع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن أنس قال : إن الرجل ليحرم قيام الليل وصيام النهار بالكذبة يكذبها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عدي، والبيهقي ، عن محمد بن كعب القرظي قال : لا يكذب الكاذب إلا من مهانة نفسه عليه . وأخرج ابن عدي، والبيهقي ، عن محمد بن سيرين قال : الكلام أوسع من أن يكذب ظريف .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 591 ] وأخرج البيهقي عن مطر الوراق قال : خصلتان إذا كانتا في عبد كان سائر عمله تبعا لهما؛ حسن الصلاة وصدق الحديث .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن الفضيل قال : لم يتزين الناس بشيء أفضل من الصدق وطلب الحلال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن عبد العزيز بن أبي رواد قال : إبرار الدنيا الكذب وقلة الحياء، من طلب الدنيا بغيرهما فقد أخطأ الطريق والمطلب، وإبرار الآخرة الحياء والصدق، فمن طلب الآخرة بغيرهما فقد أخطأ الطريق والمطلب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن يوسف بن أسباط قال : يرزق الصدوق ثلاث خصال؛ الحلاوة، والملاحة، والمهابة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي عن أبي روح؛ حاتم بن يوسف قال : أتيت باب الفضيل بن عياض، فسلمت عليه، فقلت : يا أبا علي، معي خمسة أحاديث، إن رأيت أن تأذن لي فأقرأ عليك؟ فقال لي : اقرأ . فقرأت فإذا هي ستة، فقال لي : أف، قم يا بني، تعلم الصدق ثم اكتب الحديث .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 592 ] وأخرج ابن عدي عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عدي عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في المعاريض ما يعف الرجل العاقل عن الكذب .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية