الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله : ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ) ففيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : المراد منه تقوية قلوب الذين قالوا : ( لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده ) والمعنى أنه لا عبرة بكثرة العدد إنما العبرة بالتأييد الإلهي ، والنصر السماوي ، فإذا جاءت الدولة فلا مضرة في القلة والذلة ، وإذا جاءت المحنة فلا منفعة في كثرة العدد والعدة .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : الفئة : الجماعة ، لأن بعضهم قد فاء إلى بعض فصاروا جماعة ، وقال الزجاج : أصل الفئة من قولهم : فأوت رأسه بالسيف ، وفأيت إذا قطعت ، فالفئة الفرقة من الناس ، كأنها قطعة منهم .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قال الفراء : لو ألغيت " من " ههنا جاز في " فئة " الرفع والنصب والخفض ، أما النصب فلأن ( كم ) بمنزلة عدد ، فنصب ما بعده نحو عشرين رجلا ، وأما الخفض فبتقدير دخول حرف ( من ) عليه ، وأما الرفع فعلى نية تقديم الفعل كأنه قيل : كم غلبت فئة .

                                                                                                                                                                                                                                            وأما قوله : ( والله مع الصابرين ) فلا شبهة أن المراد المعونة والنصرة ، ثم يحتمل أن يكون هذا قولا للذين قالوا : ( كم من فئة قليلة ) ويحتمل أن يكون قولا من الله تعالى ، وإن كان الأول أظهر .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية