الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب في الهبة والشفعة وقال بعض الناس إن وهب هبة ألف درهم أو أكثر حتى مكث عنده سنين واحتال في ذلك ثم رجع الواهب فيها فلا زكاة على واحد منهما فخالف الرسول صلى الله عليه وسلم في الهبة وأسقط الزكاة

                                                                                                                                                                                                        6574 حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه ليس لنا مثل السوء [ ص: 362 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 362 ] قوله : ( باب في الهبة والشفعة ) أي كيف تدخل الحيلة فيهما معا ومنفردين .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال بعض الناس : إن وهب هبة ألف درهم أو أكثر حتى مكث عنده سنين واحتال في ذلك ) أي بأن تواطأ مع الموهوب له على ذلك وإلا فالهبة لا تتم إلا بالقبض وإذا قبض كان بالخيار في التصرف فيها ولا يتهيأ للواهب الرجوع فيها بعد التصرف فلا بد من المواطأة بأن لا يتصرف فيها ليتم الحيلة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثم رجع الواهب فيها فلا زكاة على واحد منهما فخالف الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الهبة وأسقط الزكاة ) قال ابن بطال : إذا قبض الموهوب له هبة فهو مالك لها فإذا حال عليها الحول عنده وجبت عليه الزكاة فيها عند الجميع وأما الرجوع فلا يكون عند الجمهور إلا فيما يوهب للولد فإن رجع فيها الأب بعد الحول وجبت فيها الزكاة على الابن .

                                                                                                                                                                                                        قلت : فإن رجع فيها قبل الحول صح الرجوع ويستأنف الحول فإن كان فعل ذلك ليريد إسقاط الزكاة سقطت وهو آثم مع ذلك ، وعلى طريقة من يبطل الحيل مطلقا لا يصح رجوعه لثبوت النهي عن الرجوع في الهبة ولا سيما إذا قارن ذلك التحيل في إسقاط الزكاة ، وقوله : " فخالف الرسول - صلى الله عليه وسلم - " يعني خالف ظاهر حديث الرسول وهو النهي عن العود في الهبة ، وقال ابن التين : مراده أن مذهب أبي حنيفة أن من سوى الوالدين يرجع في هبته ولا يرجع الوالد فيما وهب لولده ، وهو خلاف قوله - صلى الله عليه وسلم - " لا يحل لرجل أن يعطي عطية فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده ، ومثل الذي يرجع في عطيته كالكلب يعود في قيئه " .

                                                                                                                                                                                                        قلت : فعلى هذا إنما أخرج البخاري حديث ابن عباس للإشارة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث ، وهو مخرج عند أبي داود عن ابن عباس من وجه آخر كما تقدم بيانه في كتاب الهبة ، وذهب الجمهور ومنهم الشافعي إلى أن الزكاة تجب على المتهب مدة مكث المال عنده .

                                                                                                                                                                                                        الحديث الأول : قوله : ( سفيان ) هو الثوري ، وقد تقدم شرح حديث ابن عباس في كتاب الهبة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية