الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        6494 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن حميد أن رجلا اطلع في بيت النبي صلى الله عليه وسلم فسدد إليه مشقصا فقلت من حدثك قال أنس بن مالك

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يحيى ) هو القطان وحميد هو الطويل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أن رجلا ) هذا ظاهره الإرسال لأن حميدا لم يدرك القصة ، لكن بين في آخر الحديث أنه موصول ؛ وسيأتي بعد سبعة أبواب من وجه آخر عن أنس ويذكر فيه ما قيل في تسمية الرجل المذكور .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فسدد إليه ) بدالين مهملتين الأولى ثقيلة قبلها سين مهملة أي صوب وزنه ومعناه ، والتصويب توجيه السهم إلى مرماه وكذلك التسديد ، ومنه البيت المشهور : أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني وقد حكي فيه الإعجام ، ويترجح كونه بالمهملة بإسناده إلى التعليم ؛ لأنه الذي في قدرة المعلم بخلاف الشدة بمعنى القوة فإنه لا قدرة للمعلم على اجتلابها ، ووقع في رواية أبي ذر عن السرخسي وفي رواية كريمة عن الكشميهني بالشين المعجمة ، والأول أولى فقد أخرجه أحمد عن محمد بن أبي عدي عن حميد بلفظ " فأهوى إليه " أي أمال إليه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( مشقصا ) تقدم ضبطه وتفسيره في كتاب الاستئذان في الكلام على رواية عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس وسياقه أتم ، ووقع هنا في رواية حميد مختصرا أيضا ، وقد أخرجه أحمد عن يحيى القطان شيخ شيخ البخاري فيه فزاد في آخره حتى أخر رأسه بتشديد الخاء المعجمة - أي أخرجها من المكان الذي اطلع فيه ، وفاعل أخر هو الرجل ، ويحتمل أن يكون المشقص وأسند الفعل إليه مجازا ، ويحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - لكونه السبب في ذلك والأول أظهر ، فقد أخرجه أحمد أيضا عن سهل بن يوسف عن حميد بلفظ : " فأخرج الرجل رأسه " وعنده في رواية ابن أبي عدي التي أشرت إليها : فتأخر الرجل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقلت من حدثك ) القائل هو يحيى القطان ، والمقول له هو حميد وجوابه بقوله أنس بن مالك يقتضي أنه سمعه منه بغير واسطة ، وهذا من المتون التي سمعها حميد من أنس وقد قيل إنه لم يسمع منه سوى خمسة أحاديث والبقية سمعها من أصحابه عنه كثابت وقتادة فكان يدلسها فيرويها عن أنس بلا واسطة ، والحق أنه سمع منه أضعاف ذلك ، وقد أكثر البخاري من تخريج حديث حميد عن أنس ، بخلاف مسلم فلم يخرج منها إلا القليل لهذه العلة ، لكن البخاري لا يخرج من حديثه إلا ما صرح فيه بالتحديث أو ما قام مقام التصريح ولو [ ص: 227 ] باللزوم كما لو كان من رواية شعبة عنه فإن شعبة لا يحمل عن شيوخه إلا ما عرف أنهم سمعوه من شيوخهم ، وقد أوضحت ذلك في ترجمة حميد في مقدمة هذا الشرح ولله الحمد .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية