الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت ما وصفنا فلا فرق بين أن يولج في قبل أو دبر أو يتلوط في وجوب الغسل عليهما لولوج الذكر على ما بينا ، وإن لم يكن معه إنزال وهكذا لو أولج في فرج بهيمة وجب عليه الغسل وإن لم ينزل ، لأنه في هذه الأحوال كلها مولج في فرج ماشية فأشبه قبل المرأة ، ولا وجه لما ذهب إليه أبو حنيفة من اختصاص ذلك بقبل المرأة ، فلو أولج في فرج خنثى مشكل فلا غسل عليهما لجواز أن يكون الخنثى رجلا فيكون الفرج عضوا زائدا فلم يلزم بالإيلاج فيه الغسل كما لو أولج في فرج مندمل وهكذا لو أن خنثى مشكل أولج ذكره في فرج امرأة فلا غسل عليهما لجواز أن يكون الخنثى امرأة فيكون الذكر عضوا زائدا ، ولو أن خنثى أولج ذكره في فرج امرأة وأولج في فرجه ذكر رجل وجب الغسل يقينا ، فلو أولج في فرج ميتة وجب الغسل ولم يجب المهر ، وفي وجوب الحد وجهان ، وإذا أولج من ذكره ما لا يلتقي معه الختانان فعليهما الوضوء دون الغسل لحصول الملامسة ، وهل يلزمه غسل ما حصل على الذكر من بلل الفرج ؟ على وجهين من اختلافهم هل هو طاهر أو نجس ؟ .

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج أنه نجس يجب غسله كالبول .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وقد حكي نصا عن الشافعي في بعض كتبه أنه طاهر لا يجب غسله كالمني . قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن أنزل الماء الدافق متعمدا أو نائما أو كان ذلك من المرأة ، فقد وجب الغسل عليهما ، وهذا صحيح ، وإنزال المني : هو الثاني مما يوجب الغسل على الرجال والنساء فأيهما أنزله من جماع أو احتلام بشهوة أو غير شهوة في نوم أو يقظة فالغسل منه واجب لرواية الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الماء من الماء " يعني : أن إنزال المني يوجب الغسل بالماء ، وروت عائشة وأم سلمة [ ص: 213 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبا من جماع لا من احتلام ، ومن احتلام لا من جماع ، فيغتسل ويتمم صومه . وقال أبو حنيفة : لا يجب الغسل من المني حتى يخرج دافقا للشهوة ولا يجب إن كان يسيرا ، أو لغير شهوة إلحاقا بالمذي ، وهذا خطأ لما ذكرناه من عموم الخبرين ، ولأن ما أوجب الاغتسال إذا كان لشهوة ، أوجبه إذا كان لغير شهوة ، كالتقاء الختانين ، ولأنه إنزال مني فأوجب الاغتسال كالاحتلام .

                                                                                                                                            وأما المرأة فقد روى الشافعي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب ابنة أبي سلمة أن أم سليم قالت : " يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق هل على المرأة غسل إذا هي احتلمت " فقال صلى الله عليه وسلم : " نعم إذا رأت الماء " .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية