الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فلو انكسر صلب رجل فخرج منه المني ، فلم ينزل من الذكر ، ففي وجوب الغسل منه وجهان من اختلاف قوله " في وجوب الوضوء " فيما خرج من سبيل مستحدث غير السبيلين لكن لو كان الخارج لم يصر منيا مستحكما فلا غسل فيه وجها واحدا ، فأما إذا استيقظ النائم فرأى إنزال المني عن غير أن يحس به في نومه ، فالغسل منه واجب ، ولو أحس في النوم بالإنزال ولم ير بعد استيقاظه شيئا ، فلا غسل عليه ، وذاك من حديث النفس ، فقد روى عبيد الله عن القاسم عن عائشة قالت : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر الاحتلام فقال : " يغتسل " . وعن الرجل يرى أن قد احتلم ولا يجد البلل قال : " لا غسل عليه " . فقالت أم سلمة : المرأة ترى ذلك ؟ قال : " نعم ، النساء شقائق الرجال " ذكره أبو داود .

                                                                                                                                            فلو رأى الرجل المني في ثوب هو لابسه ولم يحس من نفسه الإنزال فيه ، فلا يخلو [ ص: 214 ] حال ذلك الثوب من أن يلبسه غيره أم لا ، فإن لبسه غيره فلا غسل عليه لجواز أن يكون غيره ، ولا على ذلك الغير غسل لجواز أن لا يكون ذلك منه ، وإن كان ذلك الثوب لا يلبسه غيره أو لم يلبسه غيره منذ غسله ، وقد كان يلبسه غيره قبل الغسل ، نظر فيه ، فإن كان المني من ظاهره فلا غسل عليه لجواز أن يكون قد لاقى منيا على ثوب غيره فتعدى عليه ، أو قد حاكه رجل أنزل فوقع منيه على ثوبه ، فإن كان المني من داخل الثوب فالغسل عليه واجب لعلمنا أنه منه ، وامتناع كونه من غيره ، فإذا اغتسل أعاد كل صلاة صلاها من أقرب نومة نامها فيه ، لأنه الظاهر من حال إنزاله ، إلا أن يكون قد نام فيه لا يلزمه إعادة شيء مما صلى لجواز أن يكون حادثا بعد آخر صلاة ، وليس هناك ظاهر يغلب فيحمل على اليقين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية