الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1726 [ 961 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا عبد العزيز، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله" . .

التالي السابق


الشرح

انتهت الأحاديث التي نقلها أبو العباس رحمه الله واستخرجها من كتاب اختلاف الحديث وباب جراح العمد والأحاديث التي نشرع فيها الآن من كتاب الأم، وكان الأولى به والأحسن أن لا يدخل كتابا في كتاب.

وحديث عثمان رضي الله عنه فقد قدمت مرة، ورواه جماعة من الأئمة عن حماد بن زيد، منهم أبو داود الطيالسي ، وفي روايته أن أبا أمامة بن سهل قال: كنا عند عثمان وهو في الدار محصور، فقال: بم [ ص: 244 ] يقتلونني وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: رجل كفر بعد ( إسلام) أو زنى بعد إحصانه، أو قتل نفسا بغير نفس" فوالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام، ولا أحببت بديني هذا بدلا بعد أن هداني الله، وما قتلت نفسا، علام يريد هؤلاء قتلي؟!

وأورد [صاحبا] الصحيحين الحديث من رواية عبد الله بن مسعود على ما قدمنا، واللفظ "لا يحل دم رجل يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة".

وقوله: "إلا بإحدى ثلاث" أي: ثلاث خصال أو نحوها.

وقوله: "أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس" بيان لإحدى الثلاث، ولو قال: وزنا وقتل نفس لأفاد وكان بيانا للثلاث.

والحديث الثاني قد سبق ذكره أيضا ، وأورده مسلم من رواية الأعمش، وقد رواه الأعمش عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله وعن أبي صالح عن أبي هريرة، واللفظ: "منعوا مني دماءهم".

وقد يستدل بالحديث الأول من يقول بأن تارك الصلاة لا يقتل، لكن الخبر الثاني يبين أن العصمة مشروطة بالمحافظة على الحقوق، حيث قال: "إلا بحقها" والصلاة من حقوقها، وقد روى البخاري في الصحيح عن عبد الله بن محمد المسندي، عن حرمي بن عمارة، عن شعبة، عن واقد بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر أن [ ص: 245 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله".

وأورد مسلم نحوا منه عن أبي غسان، عن عبد الملك بن الصباح، عن شعبة.

واحتجاج عثمان رضي الله عنه بالحديث الأول يدل على جواز الاحتجاج بما ترك ظاهره في غير موضع الترك، وباللفظية المقتضية للانحصار وإن علم بتثبيت الانحصار; وذلك لأن حل الدم ثابت في قاطع الطريق وفي الصائل والباغي وغيرهم على خلاف قضية الظاهر.




الخدمات العلمية