الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        السبب الثالث : تفريق الصفقة . فإذا أصدقها عبدا على أن ترد إليه مائة أو ألفان ، وصورته أن يقول للولي : زوجني بنتك وملكني كذا من مالها بولاية أو وكالة بهذا العبد ، فيجيبه [ إليه ] أو يقول الولي : زوجتك بنتي وملكتك كذا من مالها بهذا العبد ، فيقبل الزوج ، فهذا جمع بين عقدين مختلفي الحكم في صفقة ، فإن بعض العبد صداق وبعضه مبيع . وفي صحة البيع والصداق قولان . أظهرهما : الصحة . ويصح النكاح قطعا إلا على القول الشاذ السابق أن النكاح يفسد بفساد الصداق . فإذا أبطلنا البيع والصداق ، فلها مهر المثل . وإذا صححناهما ، وزعنا العبد على مهر مثلها وعلى الثمن . فإذا كان مهر مثلها ألفا والثمن ألفا ، والعبد يساوي ألفين ، فنصفه مبيع ونصفه صداق . فإن طلقها قبل الدخول ، رجع إليه نصف الصداق وهو ربع العبد . وإن فسخ النكاح بعيب ونحوه ، رجع إليه جميع الصداق وهو نصف العبد . ولو تلف العبد قبل القبض ، استردت الألف ، ولها بدل الصداق وهو مهر المثل على الأظهر ، ونصف قيمة العبد على الثاني .

                                                                                                                                                                        ولو وجد الزوج بالثمن الذي أخذه عيبا ورده ، استرد المبيع وهو نصف العبد ، ويبقى لها النصف الآخر . ولو وجدت العبد معيبا فردته ، استردت الثمن ، وترجع في الصداق إلى مهر المثل على الأظهر ، ونصف القيمة على الثاني . ولو أرادت أن [ ص: 268 ] ترد أحد النصفين وحده ، جاز على الأصح لتعدد العقد . والثاني : المنع لتضرر التبعيض . ولو قال : زوجتك بنتي أو جاريتي ، وبعتك عبدها أو عبدي بكذا ، ففي صحة البيع والصداق قولان ذكرناهما في تفريق الصفقة . فإن صححناهما ، وزع العوض المذكور على مهر المثل وقيمة العبد ، فما خص مهر المثل فهو صداق . وإذا وجد الزوج بالعبد عيبا ، استرد الثمن وليس للمرأة رد الباقي والرجوع إلى مهر المثل ; لأن المسمى صحيح . وإن رد العبد بعيب ، أو فسخ النكاح قبل الدخول بعيب ، رجع إليه جميع العوض المذكور .

                                                                                                                                                                        وإن خرج العوض المعين مستحقا ، رد العبد ورجعت للصداق إلى مهر المثل على الأظهر . وعلى الثاني : إلى حصة الصداق منه .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لبنته مائة درهم ، فقال لرجل : زوجتك بنتي وملكتك هذه الدراهم بهاتين المائتين لك ، فالبيع والصداق باطلان ، نص عليه في " الأم " لأنه ربا ، فإنه مسألة مد عجوة . فلو كان من أحد الطرفين دنانير ، كان جمعا بين صداق وصرف ، وفيه القولان .

                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        جمع نسوة في عقد بصداق واحد ، وهذا يتصور عند اتحاد الولي ، بأن يكون [ ص: 269 ] له بنات بنين ، أو إخوة ، أو أعمام ، أو معتقات . ويتصور مع تعدد الولي ، بأن وكل أولياء نسوة رجلا ، فالنكاح صحيح . وفي الصداق طريقان . أحدهما : القطع بفساده . وأصحهما : على قولين . أظهرهما : فساده . ويجري الطريقان فيما لو خالع نسوة على عوض واحد ، هل يفسد العوض ؟ وأما البينونة ، فتحصل قطعا .

                                                                                                                                                                        ونص الشافعي ، رضي الله عنه ، أنه لو اشترى عبيدا لملاك صفقة من المالكين ، أو وكيلهم ، بطل البيع . ولو كانت عبيدا بعوض واحد ، صحت الكتابة . واختلفوا في البيع والكتابة ، الذين قالوا في النكاح والخلع قولان ، على أربع طرق . أحدها : طرد القولين فيهما . والثاني : يفسد البيع . وفي الكتابة قولان . والثالث : تصح الكتابة . وفي البيع قولان . والرابع : تصح الكتابة ويفسد البيع وإن أفردت .

                                                                                                                                                                        قلت : في البيع طريقان . أصحهما : طرد القولين ، والثاني : القطع بالفساد ، وبه قال الإصطخري . وفي الكتابة ، طريقان . أصحهما : قولان .

                                                                                                                                                                        والثاني : القطع بالصحة . وإذا قلنا بصحة الصداق المسمى ، وزع المسمى على نسبة مهور أمثالهن على المذهب . وفي وجه أو قول ضعيف : يوزع المسمى على عدد رءوسهن . وإذا قلنا بفساد الصداق ، ففيم يجب لهن قولان كما لو أصدقها خمرا . أظهرهما : يجب لكل واحدة منهن مهر مثلها . والثاني : يوزع المسمى على مهور أمثالهن ، ولكل واحدة ما يقتضيه التوزيع ، ويكون الحاصل لهن على هذا القول كالمسمى إذا قلنا بصحته . ولو زوج أمتيه بعبد على صداق واحد ، صح الصداق ; لأن المستحق واحد كبيع عبدين بثمن . ولو كان له أربع بنات ، ولآخر أربع بنين ، فزوجهن بهم صفقة بمهر واحد بأن قال : زوجت بنتي فلانة ابنك فلانا ، [ ص: 270 ] وفلانة فلانا بألف ، ففيه طريقان حكاهما المتولي . أحدهما : في صحة الصداق القولان . والثاني : القطع ببطلانه لتعدد المعقود له من الجانبين .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية