الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        17228 - قال مالك : ومن طاف بالبيت بعض أسبوعه . ثم أقيمت صلاة الصبح ، أو صلاة العصر ، فإنه يصلي مع الإمام . ثم يبني على ما طاف ، حتى يكمل سبعا . ثم لا يصلي حتى تطلع الشمس ، أو تغرب .

                                                                                                                        قال : وإن أخرهما - يعني الركعتين - حتى يصلي المغرب ، فلا بأس بذلك .

                                                                                                                        17229 - قال مالك : ولا بأس أن يطوف الرجل طوافا واحدا ، بعد الصبح وبعد العصر . لا يزيد على سبع واحد . ويؤخر الركعتين حتى تطلع الشمس . كما صنع عمر بن الخطاب . ويؤخرهما بعد العصر ، حتى تغرب الشمس . فإذا غربت الشمس صلاهما إن شاء . وإن شاء أخرهما حتى يصلي المغرب . لا بأس بذلك .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        17230 - قال أبو عمر : قد قال في " الموطأ " ، عند جماعة من رواته : أحب إلي يركعهما بعد صلاة العصر .

                                                                                                                        17231 - قال أبو عمر : للمسألة في هذا الباب ثلاثة أقوال .

                                                                                                                        17232 - ( أحدها ) : إجازة الطواف بعد الصبح وبعد العصر ، وتأخير الركعتين حتى تطلع الشمس أو تغرب ، وهو مذهب عمر بن الخطاب ومعاذ بن عفراء وجماعة ، وهو قول مالك وأصحابه ، روى ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن أبيه ، قال : قدم علينا أبو سعيد الخدري ، فطاف بالبيت سبعا بعد الصبح ، فقلنا انظروا كيف يصنع ، فجلس حتى طلعت الشمس ، ثم قام فصلى ركعتين .

                                                                                                                        [ ص: 177 ] 17233 - والقول الثاني : كراهة الطواف ، وكراهة الركوع له بعد الصبح وبعد العصر . قاله سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وجماعة .

                                                                                                                        17234 - والثالث : إباحة ذلك كله وجوازه بعد الصبح وبعد العصر ، وبه قال الشافعي وجماعة غيره .

                                                                                                                        17235 - وكره الثوري ، وأبو حنيفة وأصحابه الطواف بعد الصبح وبعد العصر . وقالوا : فإن فعل فلا يركع حتى يحل وقت الصلاة النافلة بعد طلوع الشمس وبعد الغروب .

                                                                                                                        17236 : وقال سعيد بن جبير ، ومجاهد : لا يطوف بعد الصبح وبعد العصر .

                                                                                                                        17237 - وقال عطاء : يطوف ولا يصلي .

                                                                                                                        17238 - وقد روي عنه : يطوف ويصلي ، مثل قول الشافعي وهو الصحيح عنه .

                                                                                                                        17239 - وروى شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن نصر بن عبد الرحمن ، عن جده معاذ القرشي أنه طاف بالبيت مع معاذ بن عفراء بعد العصر وبعد الصبح فلم يصل ; فسألت فقال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " لا صلاة بعد صلاة الغداة حتى تطلع الشمس ، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس .

                                                                                                                        17240 - وبمثل هذا احتج من كره الطواف بعد الصبح والعصر ، وزاد أن من سنة الطواف أن تصلى بعده ركعتان بلا فصل ولا تؤخر الركعتان بعد الفراغ من [ ص: 177 ] الطواف إلا من عذر ، فإذا لم تكن الصلاة جائزة لم يكن الطواف جائزا إلا أن الطواف لا يتم إلا بالركعتين ، ومن سنتهما أن لا يفرق بينهما .

                                                                                                                        17241 - ومن حجة الشافعي ومن قال بقوله حديث سفيان بن عيينة ، عن أبي الزبير ، عن عبد الله بن باباه ، عن جبير بن مطعم ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " يا بني عبد مناف - أو يا بني عبد المطلب - إن وليتم من هذا الأمر شيئا فلا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار " . رواه الشافعي وغيره عن ابن عيينة .

                                                                                                                        17242 - قالوا : فقد عم الأوقات كلها ; فليس لأحد أن يخص وقتا من الأوقات .

                                                                                                                        17243 - وممن أجاز الطواف والصلاة بعد العصر والصبح : عبد الله بن [ ص: 179 ] عمر ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، والحسن ، والحسين .

                                                                                                                        17244 - وبه قال عطاء ، وطاوس ، والقاسم بن محمد ، وعروة بن الزبير .

                                                                                                                        17245 - روى ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار قال : رأيت أنا وعطاء عبد الله بن عمر طاف بالبيت بعد الصبح وصلى .

                                                                                                                        17246 - قال أبو عمر : لا ينبغي لأحد أن يطوف ولا يركع عند طلوع الشمس ولا عند غروبها ، لأن الآثار متفقة في ذلك صحاح لا تحتمل تأويلا . وأما الآثار في الصلاة بعد الصبح وبعد العصر فقد عارضتها مثلها . وتأويل العلماء فيها أن النهي إنما ورد دليلا يتطرق بذلك إلى الصلاة عند الطلوع والغروب ، وقد أوضحنا هذا المعنى في كتاب الصلاة فلم أر وجها لإعادته هاهنا .




                                                                                                                        الخدمات العلمية