الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        832 [ ص: 185 ] ( 40 ) باب جامع الطواف

                                                                                                                        795 - مالك ، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ، عن ، عروة بن الزبير ، عن زينب بنت أبي سلمة ، عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أشتكي ؟ فقال : " طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ، قالت : فطفت راكبة بعيري . ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينئذ يصلي ، إلى جانب البيت . وهو يقرأ ب ( والطور وكتاب مسطور ) .

                                                                                                                        [ ص: 186 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 186 ] 17274 - قال أبو عمر : قولها ( يصلي ) تريد صلاة الصبح ، بدليل ما ذكره البخاري عن محمد بن حرب ، عن يحيى بن أبي زكريا الغساني ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن زينب عن أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأم سلمة ، ولم تكن طافت بالبيت وأرادت الخروج : " إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون ، ففعلت ذلك ولم تصل حتى خرجت .

                                                                                                                        17275 - قال أبو عمر : اختلف العلماء فيمن طاف بالبيت راكبا ومحمولا : 17276 - فقال مالك : إن كان من عذر أجزاهما ، وإن كان من غير عذر أعادا جميعا .

                                                                                                                        17277 - وإن رجع المحمول إلى بلده كان عليه أن يهدي دما .

                                                                                                                        17278 - قال : ولو طاف بصبي وسعى بين الصفا والمروة أجزاه عن نفسه وعن الصبي إذا نوى ذلك .

                                                                                                                        17279 - وهو قول الليث في الطواف ، والسعي عنده بمنزلة الطواف .

                                                                                                                        17280 - وقال مالك في المريض يطاف به محمولا ثم يفيق : أحب إلي أن يعيد ذلك الطواف .

                                                                                                                        17281 - وذكر ابن القاسم عنه ، قال : يطوف لنفسه من أراد أن يطوف [ ص: 187 ] بالصبي ، ثم يطوف بالصبي ولا يركع عنه . ولا شيء على الصبي في ركعتيه .

                                                                                                                        17282 - قال : ومن طاف بالبيت محمولا من غير عذر . قال ابن القاسم : أرى أن يعيد ، فإن رجع إلى بلاده عاد فطاف وأهراق دما ، وإن طاف راكبا أعاد ، وإن طال فعليه دم ، وإن سعى بالصبي من لم يسع بين الصفا والمروة فهو أخف من الطواف بالبيت ، ويجزئه ، ولا بأس أن يسعى لنفسه والصبي معه سعيا واحدا ويجزئهما جميعا على راحلته .

                                                                                                                        17283 - وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : إن طاف راكبا من غير عذر فعليه أن يعيد إن كان بمكة ، وإن رجع إلى الكوفة فعليه دم ، وإن طاف راكبا من عذر أجزاه ، وكذلك المحمول عند محمد بن الحسن ، فقال : لو طاف بأمه حاملا لها أجزاه عنه وعنها ، وكذلك لو استأجرت امرأة رجلا يطوف بها حاملا كان الطواف لهما جميعا والأجر له .

                                                                                                                        17284 - وقال الشافعي : طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الصفا والمروة راكبا من غير مرض ، ولكنه أحب أن يشرف للناس يسألونه . وليس أحد مثله ، وأكثر ما طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماشيا ، فمن طاف راكبا من - غير علة فلا إعادة عليه ولا فدية .

                                                                                                                        17285 - ولا أحب لمن طاف ماشيا أن يركب ، فإن طاف راكبا أو حاملا من عذر أو غيره فلا دم عليه .

                                                                                                                        [ ص: 188 ] 17286 - وحجته ما رواه ابن جريج وابن أبي ذئب ، عن ابن شهاب ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه .

                                                                                                                        17287 - قال ابن جريج : وأخبرني أبو الزبير ، عن جابر ، قال : طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع بالبيت ، وبين الصفا والمروة على راحلته ليراه الناس وليشرف لهم ، إن الناس غشوه .

                                                                                                                        17288 - وقال أبو ثور : إذا كان الرجل مريضا ; فطاف محمولا أو على دابة أجزاه ذلك ، وإن طاف راكبا أو محمولا من غير علة ولا عذر لم يجزه ذلك ، وكان عليه أن يعيد ، وكان بمنزلة من صلى وهو صحيح قاعدا .

                                                                                                                        17289 - قال أبو عمر : أما من صلى وهو صحيح قادر على القيام - جالسا ؟ فصلاته باطلة ، بإجماع من العلماء إذا كان إماما أو منفردا ، فكيف يقاس على هذا الأصل ما فرقت السنة بينهما بما ذكرنا من حديث ابن عباس ، وغيره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف على راحلته ، ولم يقل إن طوافي ذلك لعذر ؟ ولا نقل ذلك من يوثق بنقله . ومعلوم أن التأسي به مباح أو واجب حتى يتبين خصوص بما لا دفع فيه من الخبر اللازم .

                                                                                                                        [ ص: 189 ] 17290 - إلا أنه قد روي في حديث ابن عباس أن طوافه راكبا كان لشكوى .

                                                                                                                        17291 - حدثني عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثني قاسم قال : حدثني بكر بن حماد ، وحدثني عبد الله بن محمد قال : حدثني محمد بن بكر ، قال : حدثني أبو داود ، قال حدثني مسدد ، قال : حدثني خالد بن عبد الله . قال : حدثني يزيد بن أبي زياد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة وهو يشتكي ، فطاف على راحلته كلما أتى الركن استلمه بمحجن ، فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى .




                                                                                                                        الخدمات العلمية