الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        أصدق ذمي خمرا ، ثم أسلما وترافعا إلينا ، فقد سبق أنه إن كان ذلك بعد القبض ، لم نحكم لها بشيء . وإن كانت غير مقبوضة ، حكمنا بوجوب مهر المثل . ولو صارت الخمرة المصدقة في يده خلا ، ثم أسلما أو أحدهما ، فوجهان . قال ابن الحداد : لا شيء لها إلا الخل . وأصحهما وبه قال القفال : لها مهر المثل ; لأن الخمر لا تصلح صداقا ، ولا عبرة بذكرها إذا لم يتصل بها قبض قبل الإسلام . ولو أصدقها عصيرا ، فتخمر في يده ، ثم عاد خلا ، ثم أسلما أو ترافعا إلينا ، لزمه قيمة العصير . ولو قبضت الذمية الخمر ، ثم طلقها قبل الدخول ، ثم أسلما أو ترافعا إلينا ، فلا رجوع للزوج لعدم المالية ومنع إمساك الخمر . ولو صارت خلا عندها ، ثم طلقها قبل الدخول ، فهل للزوج الرجوع إلى نصفه لكون العين باقية وإنما تغيرت صفتها ، أم لا ترجع بشيء لأن حق الرجوع إنما يثبت إذا كان المقبوض مالا ، وهنا حدثت المالية في يدها فهو كزيادة منفصلة ؟ فيه وجهان . أصحهما : الأول ، وبه قال ابن الحداد . فعلى هذا لو تلف الخل أو أتلفته ، ثم طلقها ، فوجهان . أصحهما وهو قول الخضري : يرجع بمثل نصف الخل . والثاني وبه قال ابن الحداد : لا يرجع بشيء ; لأن الرجوع فيه تعتبر قيمته يوم الإصداق والقبض ، [ ص: 304 ] ولا قيمة لهذا يوم الإصداق والقبض . ولو أصدقها جلد ميتة ، فقبضته ودبغته ، ثم طلقها قبل الدخول ، ففي رجوعه في نصفه وجهان مرتبان على تخلل الخمر ، وأولى بعدم الرجوع ; لأن ماليته حدثت بفعلها ومع الترتيب ، فالأصح الرجوع ، وبه قال ابن الحداد . فعلى هذا : إن هلك الجلد عندها بعد الدباغ ، قال ابن الحداد : لا يرجع . قال الشيخ أبو علي : ينبغي أن لا يرجع هنا بلا خلاف ، بخلاف الخل ; لأنه مثلي والجلد متقوم ، والنظر في المتقوم إلى وقت الإصداق والإقباض ، ولم يكن له قيمة حينئذ . ولو ارتدت وانفسخ النكاح قبل الدخول ، فالقول في كل الخل وكل الجلد ، كالقول في النصف عند الطلاق .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية