الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فروع تتعلق بهذه المسألة

                                                                                                                                                                                                                                      الفرع الأول : اعلم أن الذين قالوا بالتغريب ، وهم الجمهور ، اختلفوا في تغريب المرأة ، فقال جماعة من أهل العلم : تغرب المرأة سنة لعموم أدلة التغريب ، وممن قال به : الشافعي وأحمد ، وقال بعض أهل العلم : لا تغريب على النساء ، وممن قال به مالك والأوزاعي ، وروي مثله عن علي - رضي الله عنه - .

                                                                                                                                                                                                                                      أما حجة من قال بتغريب النساء فهي عموم أدلة التغريب ، وظاهرها شمول الأنثى ، وأما الذين قالوا : لا تغريب على النساء ، فقد احتجوا بالأحاديث الصحيحة الواردة بنهي المرأة عن السفر ، إلا مع محرم أو زوج .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قدمناها في سورة " النساء " في الكلام على مسافة القصر ، قالوا : لا يجوز سفرها دون محرم ، ولا يكلف محرمها بالسفر معها ; لأنه لا ذنب له يكلف السفر بسببه ، قالوا : ولأن المرأة عورة وفي تغريبها تضييع لها ، وتعريض لها للفتنة ، ولذلك نهيت عن السفر إلا [ ص: 413 ] مع محرم أو زوج ، قالوا : وغاية ما في الأمر ، أن عموم أحاديث التغريب بالنسبة إلى النساء خصصته أحاديث نهي المرأة عن السفر إلا مع محرم أو زوج ، وهذا لا إشكال فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : الذي يظهر لي أنها إن وجد لها محرم متبرع بالسفر معها إلى محل التغريب مع كون محل التغريب محل مأمن لا تخشى فيه فتنة ، مع تبرع المحرم المذكور بالرجوع معها إلى محلها ، بعد انتهاء السنة ، فإنها تغرب ; لأن العمل بعموم أحاديث التغريب لا معارض له في الحالة المذكورة ، وأما إن لم تجد محرما متبرعا بالسفر معها ، فلا يجبر ; لأنه لا ذنب له ، ولا تكلف هي السفر بدون محرم ، لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قدمنا مرارا أن النص الدال على النهي يقدم على الدال على الأمر على الأصح ; لأن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح ، وهذا التفصيل الذي استظهرنا لم نعلم أحدا ذهب إليه ، ولكنه هو الظاهر من الأدلة ، والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية