الفرع الثاني : اعلم أن العلماء اختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=10420تغريب العبد والأمة ، وقد قدمنا أقوال أهل العلم في ذلك .
وأظهر أقوالهم عندنا : أن المملوك لا يغرب ، لأنه مال ، وفي تغريبه إضرار بمالكه ، وهو لا ذنب له ، ويستأنس له بأنه لا يرجم ، ولو كان محصنا ; لأن إهلاكه بالرجم إضرار بمالكه ، ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم - " : إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها " الحديث ، ولم يذكر تغريبا ، وقد فهم
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله - عدم نفي الأمة من الحديث المذكور ، ولذا قال في ترجمته : باب لا يثرب على الأمة إذا زنت ولا تنفى .
وقد قدمنا اختلاف الأصوليين في العبيد هل يدخلون في عموم نصوص الشرع ، لأنهم من جملة المكلفين ، أو لا يدخلون في عموم النصوص ، إلا بدليل منفصل لكثرة خروجهم من عموم النصوص ، كما تقدم إيضاحه .
وقد قدمنا أن الصحيح هو دخولهم في عموم النصوص إلا ما أخرجهم منه دليل ، واعتمده صاحب " مراقي السعود " ، بقوله :
والعبد والموجود والذي كفر مشمولة له لدى ذوي النظر
وإخراجهم هنا من نصوص التغريب ;
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009189لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بجلد الأمة الزانية وبيعها ، ولم
[ ص: 414 ] يذكر تغريبها ، ولأنهم مال ، وفي تغريبهم إضرار بالمالك ، وفي الحديث " :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008215لا ضرر ولا ضرار " ، والعلم عند الله تعالى .
تنبيه .
أظهر القولين عندي : أنه لا بد في التغريب من مسافة تقصر فيها الصلاة ; لأنه فيما دونها له حكم الحاضر بالبلد الذي زنى فيه .
وأظهر القولين أيضا عندي أن المغرب يسجن في محل تغريبه ; لأن السجن عقوبة زائدة على التغريب ، فتحتاج إلى دليل ، ولا دليل عليها ، والعلم عند الله تعالى .
والأظهر أن الغريب إذا زنى غرب من محل زناه إلى محل آخر غير وطنه الأصلي .
الْفَرْعُ الثَّانِي : اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10420تَغْرِيبِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَقْوَالَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ .
وَأَظْهَرُ أَقْوَالِهِمْ عِنْدَنَا : أَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يُغَرَّبُ ، لِأَنَّهُ مَالٌ ، وَفِي تَغْرِيبِهِ إِضْرَارٌ بِمَالِكِهِ ، وَهُوَ لَا ذَنْبَ لَهُ ، وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِأَنَّهُ لَا يُرْجَمُ ، وَلَوْ كَانَ مُحْصَنًا ; لِأَنَّ إِهْلَاكَهُ بِالرَّجْمِ إِضْرَارٌ بِمَالِكِهِ ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " : إِذَا زَنَتْ أَمَةَ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا " الْحَدِيثَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ تَغْرِيبًا ، وَقَدْ فَهِمَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَدَمَ نَفْيِ الْأَمَةِ مِنَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ ، وَلِذَا قَالَ فِي تَرْجَمَتِهِ : بَابُ لَا يُثَرَّبُ عَلَى الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَا تُنْفَى .
وَقَدْ قَدَّمْنَا اخْتِلَافَ الْأُصُولِيِّينَ فِي الْعَبِيدِ هَلْ يَدْخُلُونَ فِي عُمُومِ نُصُوصِ الشَّرْعِ ، لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْمُكَلَّفِينَ ، أَوْ لَا يَدْخُلُونَ فِي عُمُومِ النُّصُوصِ ، إِلَّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ لِكَثْرَةِ خُرُوجِهِمْ مِنْ عُمُومِ النُّصُوصِ ، كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ هُوَ دُخُولُهُمْ فِي عُمُومِ النُّصُوصِ إِلَّا مَا أَخْرَجَهُمْ مِنْهُ دَلِيلٌ ، وَاعْتَمَدَهُ صَاحِبُ " مَرَاقِي السُّعُودِ " ، بِقَوْلِهِ :
وَالْعَبْدُ وَالْمَوْجُودُ وَالَّذِي كَفَرَ مَشْمُولَةٌ لَهُ لَدَى ذَوِي النَّظَرِ
وَإِخْرَاجُهُمْ هُنَا مِنْ نُصُوصِ التَّغْرِيبِ ;
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009189لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِجَلْدِ الْأَمَةِ الزَّانِيَةِ وَبَيْعِهَا ، وَلَمْ
[ ص: 414 ] يَذْكُرْ تَغْرِيبَهَا ، وَلِأَنَّهُمْ مَالٌ ، وَفِي تَغْرِيبِهِمْ إِضْرَارٌ بِالْمَالِكِ ، وَفِي الْحَدِيثِ " :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008215لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ " ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
تَنْبِيهٌ .
أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي : أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّغْرِيبِ مِنْ مَسَافَةٍ تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلَاةُ ; لِأَنَّهُ فِيمَا دُونَهَا لَهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ بِالْبَلَدِ الَّذِي زَنَى فِيهِ .
وَأَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا عِنْدِي أَنَّ الْمُغَرَّبَ يُسْجَنُ فِي مَحَلِّ تَغْرِيبِهِ ; لِأَنَّ السَّجْنَ عُقُوبَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى التَّغْرِيبِ ، فَتَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ ، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهَا ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْغَرِيبَ إِذَا زَنَى غُرِّبَ مِنْ مَحَلِّ زِنَاهُ إِلَى مَحَلٍّ آخَرَ غَيْرِ وَطَنِهِ الْأَصْلِيِّ .