قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون فيه سبع مسائل :
قرأ
عاصم nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30عزير ابن الله بتنوين
عزير . والمعنى أن " ابنا " على هذا خبر ابتداء عن (
عزير ) ، و "
عزير " ينصرف عجميا كان أو عربيا . وقرأ
ابن كثير ونافع وأبو [ ص: 51 ] عمرو وابن عامر (
عزير ابن ) بترك التنوين لاجتماع الساكنين ، ومنه قراءة من قرأ "
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قل هو الله أحد الله الصمد " . قال
أبو علي : وهو كثير في الشعر . وأنشد
الطبري في ذلك :
لتجدني بالأمير برا وبالقناة مدعسا مكرا
إذا غطيف السلمي فرا
الثانية : قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وقالت اليهود هذا لفظ خرج على العموم ومعناه الخصوص ؛ لأن ليس كل
اليهود قالوا ذلك . وهذا مثل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173الذين قال لهم الناس ولم يقل ذلك كل الناس . وقيل : إن قائل ما حكي عن
اليهود سلام بن مشكم ونعمان بن أبي أوفى وشاس بن قيس ومالك بن الصيف ، قالوه للنبي صلى الله عليه وسلم . قال
النقاش : لم يبق يهودي يقولها بل انقرضوا فإذا قالها واحد فيتوجه أن تلزم الجماعة شنعة المقالة ، لأجل نباهة القائل فيهم . وأقوال النبهاء أبدا مشهورة في الناس يحتج بها . فمن هاهنا صح أن تقول الجماعة قول نبيهها . والله أعلم .
وقد روي أن سبب ذلك القول أن
اليهود قتلوا الأنبياء بعد
موسى عليه السلام فرفع الله عنهم التوراة ومحاها من قلوبهم ، فخرج
عزير يسيح في الأرض ، فأتاه
جبريل فقال : أين تذهب ؟ قال : أطلب العلم ، فعلمه التوراة كلها فجاء
عزير بالتوراة إلى
بني إسرائيل فعلمهم . وقيل : بل حفظها الله
عزيرا كرامة منه له ، فقال
لبني إسرائيل : إن الله قد حفظني التوراة ، فجعلوا يدرسونها من عنده . وكانت التوراة مدفونة ، كان دفنها علماؤهم حين أصابهم من الفتن والجلاء والمرض ما أصاب وقتل
بختنصر إياهم . ثم إن التوراة المدفونة وجدت فإذا هي متساوية لما كان
عزير يدرس فضلوا عند ذلك وقالوا : إن هذا لم يتهيأ
لعزير إلا وهو ابن الله حكاه
الطبري . وظاهر قول
النصارى أن
المسيح ابن الله ، إنما أرادوا بنوة النسل كما قالت العرب في الملائكة . وكذلك يقتضي قول
الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري وغيرهما . وهذا
أشنع الكفر . قال
أبو المعالي : أطبقت
النصارى على أن
المسيح إله وأنه ابن إله . قال
ابن عطية : ويقال إن بعضهم يعتقدها بنوة حنو ورحمة . وهذا المعنى أيضا لا يحل أن تطلق البنوة عليه وهو كفر .
الثالثة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : في هذا دليل من قول ربنا تبارك وتعالى على أن من أخبر عن كفر غيره الذي لا يجوز لأحد أن يبتدئ به لا حرج عليه ؛ لأنه إنما ينطق به على معنى الاستعظام له والرد عليه ولو شاء ربنا ما تكلم به أحد ، فإذا مكن من إطلاق الألسن به فقد أذن بالإخبار عنه على معنى إنكاره بالقلب واللسان والرد عليه بالحجة والبرهان .
[ ص: 52 ] الرابعة :
قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30ذلك قولهم بأفواههم قيل : معناه التأكيد ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79يكتبون الكتاب بأيديهم وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38ولا طائر يطير بجناحيه وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة ومثله كثير . وقيل : المعنى أنه لما كان قول ساذج ليس فيه بيان ولا برهان ، وإنما هو قول بالفم مجرد نفس دعوى لا معنى تحته صحيح لأنهم معترفون بأن الله سبحانه لم يتخذ صاحبة فكيف يزعمون أن له ولدا ، فهو كذب وقول لساني فقط ، بخلاف الأقوال الصحيحة التي تعضدها الأدلة ويقوم عليها البرهان . قال أهل المعاني : إن الله سبحانه لم يذكر قولا مقرونا بذكر الأفواه والألسن إلا وكان قولا زورا ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=167يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم و
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=5كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا و
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم .
الخامسة :
قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ( يضاهئون ) يشابهون ، ومنه قول العرب : امرأة ضهيأ للتي لا تحيض أو التي لا ثدي لها ، كأنها أشبهت الرجال . وللعلماء في ( قول الذين كفروا ) ثلاثة أقوال : الأول : قول عبدة الأوثان : اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى . الثاني : قول الكفرة : الملائكة بنات الله . الثالث : قول أسلافهم ، فقلدوهم في الباطل واتبعوهم على الكفر ، كما أخبر عنهم بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22إنا وجدنا آباءنا على أمة .
السادسة : اختلف العلماء في " ضهيأ " هل يمد أو لا ، فقال ابن ولاد : امرأة ضهيأ ، وهي التي لا تحيض ، مهموز غير ممدود . ومنهم من يمد وهو
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه فيجعلها على فعلاء بالمد ، والهمزة فيها زائدة لأنهم يقولون نساء ضهي فيحذفون الهمزة . قال
أبو الحسن قال لي النجيرمي : ضهيأة بالمد والهاء . جمع بين علامتي تأنيث ، حكاه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12112أبي عمرو الشيباني في النوادر . وأنشد :
ضهيأة أو عاقر جماد
ابن عطية : من قال يضاهئون مأخوذ من قولهم : امرأة ضهياء ، فقوله خطأ ، قاله
أبو علي ؛ لأن الهمزة في " ضاهأ " أصلية ، وفي " ضهياء " زائدة كحمراء .
[ ص: 53 ] السابعة :
قوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30قاتلهم الله أنى يؤفكون أي لعنهم الله ، يعني
اليهود والنصارى ؛ لأن الملعون كالمقتول . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قاتلهم الله هو بمعنى التعجب . وقال
ابن عباس : كل شيء في القرآن قتل فهو لعن ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=11793أبان بن تغلب :
قاتلها الله تلحاني وقد علمت أني لنفسي إفسادي وإصلاحي
وحكى
النقاش أن أصل " قاتل الله " الدعاء ، ثم كثر في استعمالهم حتى قالوه على التعجب في الخير والشر ، وهم لا يريدون الدعاء . وأنشد
الأصمعي :
يا قاتل الله ليلى كيف تعجبني وأخبر الناس أني لا أباليها
قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ فِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ :
قَرَأَ
عَاصِمٌ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ بِتَنْوِينِ
عُزَيْرٌ . وَالْمَعْنَى أَنَّ " ابْنًا " عَلَى هَذَا خَبَرُ ابْتِدَاءٍ عَنْ (
عُزَيْرٌ ) ، وَ "
عُزَيْرٌ " يَنْصَرِفُ عَجَمِيًّا كَانَ أَوْ عَرَبِيًّا . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو [ ص: 51 ] عَمْرٍو وَابْنُ عَامِرٍ (
عُزَيْرُ ابْنُ ) بِتَرْكِ التَّنْوِينِ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ ، وَمِنْهُ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=112&ayano=1قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ " . قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ : وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الشِّعْرِ . وَأَنْشَدَ
الطَّبَرِيُّ فِي ذَلِكَ :
لَتَجِدَنِّي بِالْأَمِيرِ بَرَّا وَبِالْقَنَاةِ مِدْعَسًا مِكَرَّا
إِذَا غُطَيْفُ السُّلَمِيُّ فَرَّا
الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30وَقَالَتِ الْيَهُودُ هَذَا لَفْظٌ خَرَجَ عَلَى الْعُمُومِ وَمَعْنَاهُ الْخُصُوصُ ؛ لِأَنَّ لَيْسَ كُلُّ
الْيَهُودِ قَالُوا ذَلِكَ . وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ كُلُّ النَّاسِ . وَقِيلَ : إِنَّ قَائِلَ مَا حُكِيَ عَنِ
الْيَهُودِ سَلَّامُ بْنُ مِشْكَمٍ وَنُعْمَانُ بْنُ أَبِي أَوْفَى وَشَاسُ بْنُ قَيْسٍ وَمَالِكُ بْنُ الصَّيْفِ ، قَالُوهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ
النَّقَّاشُ : لَمْ يَبْقَ يَهُودِيٌّ يَقُولُهَا بَلِ انْقَرَضُوا فَإِذَا قَالَهَا وَاحِدٌ فَيَتَوَجَّهُ أَنْ تَلْزَمَ الْجَمَاعَةَ شُنْعَةُ الْمَقَالَةِ ، لِأَجْلِ نَبَاهَةِ الْقَائِلِ فِيهِمْ . وَأَقْوَالُ النُّبَهَاءِ أَبَدًا مَشْهُورَةٌ فِي النَّاسِ يُحْتَجُّ بِهَا . فَمِنْ هَاهُنَا صَحَّ أَنْ تَقُولَ الْجَمَاعَةُ قَوْلَ نَبِيهِهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ الْقَوْلِ أَنَّ
الْيَهُودَ قَتَلُوا الْأَنْبِيَاءَ بَعْدَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فَرَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمُ التَّوْرَاةَ وَمَحَاهَا مِنْ قُلُوبِهِمْ ، فَخَرَجَ
عُزَيْرٌ يَسِيحُ فِي الْأَرْضِ ، فَأَتَاهُ
جِبْرِيلُ فَقَالَ : أَيْنَ تَذْهَبُ ؟ قَالَ : أَطْلُبُ الْعِلْمَ ، فَعَلَّمَهُ التَّوْرَاةَ كُلَّهَا فَجَاءَ
عُزَيْرٌ بِالتَّوْرَاةِ إِلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ فَعَلَّمَهُمْ . وَقِيلَ : بَلْ حَفَّظَهَا اللَّهُ
عُزَيْرًا كَرَامَةً مِنْهُ لَهُ ، فَقَالَ
لِبَنِي إِسْرَائِيلَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَفَّظَنِي التَّوْرَاةَ ، فَجَعَلُوا يَدْرُسُونَهَا مِنْ عِنْدِهِ . وَكَانَتِ التَّوْرَاةُ مَدْفُونَةً ، كَانَ دَفَنَهَا عُلَمَاؤُهُمْ حِينَ أَصَابَهُمْ مِنَ الْفِتَنِ وَالْجَلَاءِ وَالْمَرَضِ مَا أَصَابَ وَقَتْلِ
بُخْتَنَصَّرَ إِيَّاهُمْ . ثُمَّ إِنَّ التَّوْرَاةَ الْمَدْفُونَةَ وُجِدَتْ فَإِذَا هِيَ مُتَسَاوِيَةٌ لِمَا كَانَ
عُزَيْرٌ يُدَرِّسُ فَضَلُّوا عِنْدَ ذَلِكَ وَقَالُوا : إِنَّ هَذَا لَمْ يَتَهَيَّأْ
لِعُزَيْرٍ إِلَّا وَهُوَ ابْنُ اللَّهِ حَكَاهُ
الطَّبَرِيُّ . وَظَاهِرُ قَوْلِ
النَّصَارَى أَنَّ
الْمَسِيحَ ابْنُ اللَّهِ ، إِنَّمَا أَرَادُوا بُنُوَّةَ النَّسْلِ كَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ فِي الْمَلَائِكَةِ . وَكَذَلِكَ يَقْتَضِي قَوْلُ
الضَّحَّاكِ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَالطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِمَا . وَهَذَا
أَشْنَعُ الْكُفْرِ . قَالَ
أَبُو الْمَعَالِي : أَطْبَقَتِ
النَّصَارَى عَلَى أَنَّ
الْمَسِيحَ إِلَهٌ وَأَنَّهُ ابْنُ إِلَهٍ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيُقَالُ إِنَّ بَعْضَهُمْ يَعْتَقِدُهَا بُنُوَّةَ حُنُوٍّ وَرَحْمَةٍ . وَهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا لَا يَحِلُّ أَنْ تُطْلَقَ الْبُنُوَّةُ عَلَيْهِ وَهُوَ كُفْرٌ .
الثَّالِثَةُ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12815ابْنُ الْعَرَبِيِّ : فِي هَذَا دَلِيلٌ مِنْ قَوْلِ رَبِّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى أَنَّ مَنْ أَخْبَرَ عَنْ كُفْرِ غَيْرِهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْتَدِئَ بِهِ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَنْطِقُ بِهِ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِعْظَامِ لَهُ وَالرَّدِّ عَلَيْهِ وَلَوْ شَاءَ رَبُّنَا مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَحَدٌ ، فَإِذَا مَكَّنَ مِنْ إِطْلَاقِ الْأَلْسُنِ بِهِ فَقَدْ أَذِنَ بِالْإِخْبَارِ عَنْهُ عَلَى مَعْنَى إِنْكَارِهِ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَالرَّدِّ عَلَيْهِ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ .
[ ص: 52 ] الرَّابِعَةُ :
قَوْلُهُ تَعَالَى nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ قِيلَ : مَعْنَاهُ التَّأْكِيدُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=79يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=38وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَوْلٌ سَاذَجٌ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ وَلَا بُرْهَانٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلٌ بِالْفَمِ مُجَرَّدٌ نَفْسِ دَعْوَى لَا مَعْنَى تَحْتَهُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَتَّخِذْ صَاحِبَةً فَكَيْفَ يَزْعُمُونَ أَنَّ لَهُ وَلَدًا ، فَهُوَ كَذِبٌ وَقَوْلٌ لِسَانِيٌّ فَقَطْ ، بِخِلَافِ الْأَقْوَالِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي تُعَضِّدُهَا الْأَدِلَّةُ وَيَقُومُ عَلَيْهَا الْبُرْهَانُ . قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي : إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلًا مَقْرُونًا بِذِكْرِ الْأَفْوَاهِ وَالْأَلْسُنِ إِلَّا وَكَانَ قَوْلًا زُورًا ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=167يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=5كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=11يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ .
الْخَامِسَةُ :
قَوْلُهُ تَعَالَى nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ( يُضَاهِئُونَ ) يُشَابِهُونَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ : امْرَأَةٌ ضَهْيَأٌ لِلَّتِي لَا تَحِيضُ أَوِ الَّتِي لَا ثَدْيَ لَهَا ، كَأَنَّهَا أَشْبَهَتِ الرِّجَالَ . وَلِلْعُلَمَاءِ فِي ( قَوْلِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : قَوْلُ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ : اللَّاتُ وَالْعُزَّى وَمَنَاةُ الثَّالِثَةُ الْأُخْرَى . الثَّانِي : قَوْلُ الْكَفَرَةِ : الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ . الثَّالِثُ : قَوْلُ أَسْلَافِهِمْ ، فَقَلَّدُوهُمْ فِي الْبَاطِلِ وَاتَّبَعُوهُمْ عَلَى الْكُفْرِ ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=22إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ .
السَّادِسَةُ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي " ضَهْيَأٍ " هَلْ يُمَدُّ أَوْ لَا ، فَقَالَ ابْنُ وَلَّادٍ : امْرَأَةٌ ضَهْيَأٌ ، وَهِيَ الَّتِي لَا تَحِيضُ ، مَهْمُوزٌ غَيْرُ مَمْدُودٍ . وَمِنْهُمْ مَنْ يَمُدُّ وَهُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ فَيَجْعَلُهَا عَلَى فَعَلَاءَ بِالْمَدِّ ، وَالْهَمْزَةُ فِيهَا زَائِدَةٌ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ نِسَاءٌ ضُهْيٌ فَيَحْذِفُونَ الْهَمْزَةَ . قَالَ
أَبُو الْحَسَنِ قَالَ لِي النَّجِيرَمِيُّ : ضَهْيَأَةٌ بِالْمَدِّ وَالْهَاءِ . جَمَعَ بَيْنَ عَلَامَتَيْ تَأْنِيثٍ ، حَكَاهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12112أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ فِي النَّوَادِرِ . وَأَنْشَدَ :
ضَهْيَأَةٌ أَوْ عَاقِرُ جَمَادٍ
ابْنُ عَطِيَّةَ : مَنْ قَالَ يُضَاهِئُونَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ : امْرَأَةٌ ضَهْيَاءُ ، فَقَوْلُهُ خَطَأٌ ، قَالَهُ
أَبُو عَلِيٍّ ؛ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ فِي " ضَاهَأَ " أَصْلِيَّةٌ ، وَفِي " ضَهْيَاءَ " زَائِدَةٌ كَحَمْرَاءَ .
[ ص: 53 ] السَّابِعَةُ :
قَوْلُهُ تَعَالَى nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=30قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ أَيْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ، يَعْنِي
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ؛ لِأَنَّ الْمَلْعُونَ كَالْمَقْتُولِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : قَاتَلَهُمُ اللَّهُ هُوَ بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ . وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ قَتْلٌ فَهُوَ لَعْنٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11793أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ :
قَاتَلَهَا اللَّهُ تَلْحَانِي وَقَدْ عَلِمَتْ أَنِّي لِنَفْسِي إِفْسَادِي وَإِصْلَاحِي
وَحَكَى
النَّقَّاشُ أَنَّ أَصْلَ " قَاتَلَ اللَّهُ " الدُّعَاءُ ، ثُمَّ كَثُرَ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ حَتَّى قَالُوهُ عَلَى التَّعَجُّبِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَهُمْ لَا يُرِيدُونَ الدُّعَاءَ . وَأَنْشَدَ
الْأَصْمَعِيُّ :
يَا قَاتَلَ اللَّهُ لَيْلَى كَيْفَ تُعْجِبُنِي وَأُخْبِرُ النَّاسَ أَنِّي لَا أُبَالِيهَا