الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
219 - ( 4 ) - حديث المغيرة : { أنه صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف وأسفله } أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه ، والدارقطني ، والبيهقي ، وابن الجارود ، من طريق ثور بن يزيد ، عن رجاء بن حيوة ، عن كاتب المغيرة ، عن المغيرة ، وفي رواية ابن ماجه ، عن رواد كاتب المغيرة ، قال الأثرم : عن أحمد أنه كان يضعفه ، ويقول : ذكرته لعبد الرحمن بن مهدي فقال : عن ابن المبارك ، عن ثور حدثت ، عن رجاء ، عن كاتب المغيرة ، ولم يذكر المغيرة ، قال أحمد : وقد كان نعيم بن حماد ، حدثني به ، عن ابن المبارك كما حدثني الوليد بن مسلم به ، عن ثور ، فقلت له : إنما يقول هذا : الوليد ، فأما ابن المبارك فيقول : حدثت عن رجاء ، ولا يذكر المغيرة فقال لي نعيم : هذا حديثي الذي أسأل عنه ، فأخرج إلي كتابه القديم بخط عتيق ، فإذا فيه ملحق بين السطرين بخط ليس بالقديم عن المغيرة ، فأوقفته عليه وأخبرته أن هذه زيادة في الإسناد لا أصل لها ، فجعل يقول للناس بعد وأنا أسمع : اضربوا على هذا الحديث ، وقال ابن أبي حاتم في [ ص: 281 ] العلل ، عن أبيه ، وأبي زرعة : حديث الوليد ليس بمحفوظ ، وقال موسى بن هارون ، وأبو داود : لم يسمعه ثور من رجاء ، حكاه قاسم بن أصبغ عنه . وقال البخاري في التاريخ الأوسط : ثنا محمد بن الصباح ، ثنا ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن عروة بن الزبير ، عن المغيرة { : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه ظاهرهما }. قال : وهذا أصح من حديث رجاء ، عن كاتب المغيرة . وكذا رواه أبو داود ، والترمذي من حديث ابن أبي الزناد ، ورواه أبو داود الطيالسي ، عن ابن أبي الزناد فقال : عن عروة بن المغيرة ، عن أبيه ، وكذا أخرجه البيهقي من رواية إسماعيل بن موسى ، عن ابن أبي الزناد . وقال الترمذي : هذا حديث معلول لم يسنده عن ثور غير الوليد .

( قلت ) : رواه الشافعي في الأم عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى ، عن ثور ممل الوليد ، وذكر الدارقطني في العلل أن محمد بن عيسى بن سميع ، رواه عن ثور كذلك . قال الترمذي : وسمعت أبا زرعة ومحمدا يقولان : ليس بصحيح . وقال أبو داود : لم يسمعه ثور من رجاء ، وقال الدارقطني : روي عن عبد الملك بن عمير ، عن وراد كاتب المغيرة ، عن المغيرة ، ولم يذكر أسفل الخف ، وقال ابن حزم : أخطأ فيه الوليد في موضعين فذكرهما كما تقدم .

( قلت ) : ووقع في سنن الدارقطني ما يوهم رفع العلة وهي : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، ثنا داود بن رشيد ، عن الوليد بن مسلم ، عن ثور بن يزيد ، ثنا رجاء بن حيوة فذكره ، فهذا ظاهره أن ثورا سمعه من رجاء فتزول العلة ، ولكن رواه أحمد بن عبيد الصفار في مسنده ، عن أحمد بن يحيى الحلواني ، عن [ ص: 282 ] داود بن رشيد ، فقال : عن رجاء ، ولم يقل : حدثنا رجاء ; فهذا اختلاف على داود يمنع من القول بصحة وصله مع ما تقدم في كلام الأئمة .

( فائدة ) روى الشافعي في القديم وفي الإملاء من حديث نافع ، عن ابن عمر : أنه كان يمسح أعلى الخف وأسفله . وفي الباب حديث { علي : لو كان الدين بالرأي ، لكان أسفل الخف أولى من أعلاه ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه } ، رواه أبو داود وإسناده صحيح .

( قوله ) : والأولى أن يضع كفه اليسرى تحت العقب ، واليمنى على ظهور الأصابع ، ويمر اليسرى على أطراف الأصابع من أسفل ، واليمنى إلى الساق ، ويروي هذه الكيفية عن ابن عمر كذا قال ، والمحفوظ عن ابن عمر : أنه كان يمسح أعلى الخف وأسفله . كذا رواه الشافعي والبيهقي كما قدمناه .

( قوله ) : واستيعاب الكل ليس بسنة ، { مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على خفيه خطوطا من الماء }. قال ابن الصلاح : تبع الرافعي فيه الإمام ، فإنه قال في النهاية : إنه صحيح ، فكذا جزم به الرافعي وليس بصحيح ، وليس له أصل في كتب الحديث ، انتهى .

وفيما قال نظر ، ففي الطبراني الأوسط من طريق جرير بن يزيد ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر قال : { مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يتوضأ فغسل خفيه ، فنخسه برجليه ، وقال : ليس هكذا السنة ، أمرنا بالمسح هكذا ، وأمر بيديه على خفيه }. وفي لفظ له : { ثم أراه بيده من مقدم الخفين إلى أصل الساق مرة وفرج بين أصابعه }قال الطبراني : لا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد ، وعزاه ابن الجوزي في التحقيق إلى رواية ابن ماجه ، عن محمد بن مصفى ، عن بقية ، عن جرير بن يزيد ، عن منذر ، عن المنكدر ، عن جابر نحوه ، ولم أره في سنن ابن ماجه ، قلت : هو في بعض النسخ دون بعض ، وقد استدركه المزي على ابن عساكر [ ص: 283 ] في الأطراف ، وإسناده ضعيف جدا ، وأما قول إمام الحرمين المذكور فكأنه تبع القاضي الحسين فإنه قال : روي حديث { علي : كنت أرى أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما قال : فحكي عنه أنه قال : ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهور الخف خطوطا بالأصابع }. وتبع الغزالي في الوسيط إمامه ، وقال النووي في شرح المهذب : هذا الحديث ضعيف ، روي عن علي مرفوعا ، وعن الحسن يعني البصري قال : من السنة أن يمسح على الخفين خطوطا . وقال في التنقيح : قول إمام الحرمين : إنه صحيح غلط فاحش ، لم نجده من حديث علي ، لكن روى ابن أبي شيبة أثر الحسن المذكور ، وروى أيضا من حديث المغيرة بن شعبة : { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم جاء حتى توضأ ومسح على خفيه ، ووضع يده اليمنى على خفه الأيمن ، ويده اليسرى على خفه الأيسر ، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة حتى كأني أنظر إلى أصابعه صلى الله عليه وسلم على الخفين }ورواه البيهقي من طريق الحسن ، عن المغيرة بنحوه ، وهو منقطع .

التالي السابق


الخدمات العلمية