الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
قال ( وإن أصابت النجاسة الخف ، أو النعل فما دام رطبا لا يطهر إلا بالغسل ) ; لأن المسح بالأرض لا يزيله إلا في رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى قال إذا مسح بالأرض حتى لم تبق عين النجاسة ، ولا رائحتها يحكم بطهارة الخف ، واعتبر البلوى فيه للناس ، وإن كان يابسا فهو على وجهين إما أن لا يكون للنجاسة جرم كالبول ، والخمر فلا يطهر إلا بالغسل ; لأن البلة تداخلت في أجزاء الخف ، وليس على ظاهره جرم حتى يزول بالمسح بالأرض فأما إذا كانت النجاسة لها جرم كالعذرة ، والروث فمسحه بالأرض ففي القياس لا يطهر إلا بالغسل ، وهو قول محمد وزفر - رحمهما الله تعالى - ; لأن النجاسة تداخلت في أجزاء الخف ألا ترى أنها بعد الجفاف تبقى متصلة بالخف فلا يطهرها إلا الغسل كما إذا أصابت الثوب ، أو البساط استحسن أبو حنيفة وأبو يوسف - رحمهما الله تعالى - فقالا يطهر بالمسح بالأرض لما روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم خلع نعليه في صلاته فخلع الناس نعالهم فلما فرغ من صلاته قال أتاني جبريل صلوات الله عليه ، وأخبرني أن فيهما أذى فإذا أتى أحدكم المسجد فليقلب نعليه فإن رأى فيهما قذرا فليمسحه بالأرض } { ، وقالت أم سلمة رضي الله تعالى عنها يا رسول الله إني ربما أمشي على مكان نجس ، ثم على مكان طاهر فقال الأرض يطهر بعضها بعضا } ، والمعنى فيه أن للجلد صلابة تمنع دخول أجزاء النجاسة في باطنه ، ولهذه النجاسة جرم ينشف البلة المتداخلة إذا جف فإذا مسحه بالأرض فقد زال عين النجاسة فيحكم بطهارة الجلد كما كان عليه قبل الإصابة بخلاف الثوب ، أو البساط فإنه رقيق تتداخل أجزاء النجاسة في باطنه فلا يخرجه إلا الماء فإن الماء للطافته يتداخل في أجزاء الثوب فيخرج النجاسة ، ثم يخرج على أثرها بالعصر .

التالي السابق


الخدمات العلمية