الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                تنبيه :

                يقع في الفتاوى كثيرا أن رجلا حلف بالطلاق لا يؤدي الحق الذي عليه فيفتى في خلاصه بأن يرفع إلى الحاكم ، فيحكم عليه بالأداء . وأنه لا يحنث ، تنزيلا للحكم منزلة الإكراه .

                وعندي في هذه وقفة : أما أولا : فلأن الشيخين : لم ينزلا الحكم منزلة الإكراه في كل صورة ، ولا قررا ذلك قاعدة عامة ، بل ذكراها في بعض الصور وذكرا خلافها في بعضها كما تراه ، فليس إلحاق هذه الصورة بالصورة التي حكما فيها بعدم الحنث أولى من إلحاقها بالتي حكما فيها بالحنث .

                أما ثانيا : فلأن الإكراه بحق لا أثر له في عدم النفوذ ، بدليل صحة بيع من أكرهه الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه وطلاق المولى إذا أكرهه الحاكم ; لأن الإكراه فيهما بحق . فالذي ينشرح له الصدر فيما نحن فيه : القول بالحنث ، ولا أثر للحكم في منعه ، هذا إذا كان معترفا بالحق ، فإن كان منكرا له ، وثبت بالبينة قوي في هذه الحالة عدم الحنث ; لأنه يزعم أنه مظلوم في هذا الحكم ، فلم يكن الإكراه بحق في دعواه . والطلاق لا يقع بالشك ، وقولي في هذه الحالة : بعدم الحنث : أي ظاهرا ، فلو كانت البينة صادقة في الواقع ، وهو عالم بأن عليه ما شهدت به . وقع باطنا . والله أعلم .

                [ ص: 212 ] ثم رأيت الزركشي قال في قواعده : ذكر الرافعي في كتاب الطلاق : أنه لو قال : إن أخذت مني حقك فأنت طالق . فأكرهه السلطان ، حتى أعطى بنفسه فعلى القولين في فعل المكره ، وقضيته : ترجيح عدم الحنث ، والمتجه خلافه ; لأنه إكراه بحق هذه عبارته .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية