الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) يسن ( أن تكون ) الخطبة ( بليغة ) أي فصيحة جزلة لأنه أوقع في القلوب من المبتذل الركيك لعدم تأثيره في القلوب ( مفهومة ) لا غريبة وحشية إذ لا ينتفع أكثر الناس بها ، وقال علي رضي الله عنه : حدثوا الناس بما يعرفون ، أتحبون أن يكذب الله ورسوله ، ولهذا قال الشافعي رضي الله عنه : يكون كلامه مسترسلا مبينا معربا من غير تغن ولا تمطيط ، وكره المتولي الكلمات المشتركة والبعيدة عن الأفهام وما ينكره عقول الحاضرين ، وقد يحرم الأخير إن أوقع في محظور ( قصيرة ) أي بالنسبة للصلاة لخبر مسلم { أطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة } فتكون متوسطة بين الطويلة والقصيرة ، ولا يعارضه خبره أيضا من أن صلاته صلى الله عليه وسلم كانت قصدا وخطبته قصدا ومن أن قصرها علامة على الفقه لأن القصر والطول من الأمور النسبية ، فالمراد باقتصارها إقصارها عن الصلاة وبإطالة الصلاة إطالتها على الخطبة ، فعلم أن سن قراءة " ق " في الأولى لا ينافي كون الخطبة قصيرة أو متوسطة . قال الأذرعي : وحسن أن يختلف ذلك باختلاف أحوال وأزمان وأسباب ، وقد يقتضي الحال الإسهاب كالحث على الجهاد إذا طرق العدو والعياذ بالله تعالى البلاد ، وغير ذلك من النهي عن الخمر والفواحش والزنا والظلم إذا تتابع الناس فيها وحسن قول الماوردي : ويقصد إيراد المعنى الصحيح واختيار اللفظ الفصيح ولا يطول إطالة تمل ولا يقصر قصرا يخل انتهى . وما ذكره الأذرعي غير مناف لما مر ، إذ الإطالة عند دعاء الحاجة إليها لعارض لا يعكر على ما أصله أن يكون مقتصدا .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : يكون كلامه ) أي يسن أن يقول إلخ ، وقوله معربا : أي واضحا ( قوله : من غير تغن ولا تمطيط ) عطف تفسير ( قوله : وأقصروا الخطبة ) بضم الصاد محلي وشيخ الإسلام ، وقضية تعبير الشارح الآتي بالإقصار كسر الصاد وفتح الهمزة ، ويكون مأخوذا من أقصر إلا أن يقال : إن ضم الصاد هي الرواية من قصر وهو لا ينافي أن أقصر لغة ، ثم رأيت في المصباح أن قصر هو الكثير ، وأن تعديته بالهمز أو التضعيف لغة قليلة ، وعليه فيجوز في هذه المادة من حيث اللغة ضم الصاد مخففة من قصر وكسرها مع فتح الهمز مع أقصر وكسرها مشددة من قصر ( قوله : الإسهاب ) أي التطويل .




                                                                                                                            الخدمات العلمية