الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : ومولى العتاقة تثبت له الولاية إذا لم يكن هناك أحد من القرابة ; لأن العصوبة تستحق بولاء [ ص: 223 ] العتاقة وعليه ينبني ولاية التزويج .

( قال ) : والرجل من عرض النسب إذا لم يكن أقرب منه يعني به العصبات ، فأما ذوو الأرحام كالأخوال والخالات والعمات فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى يثبت لهم ولاية التزويج عند عدم العصبات استحسانا ، وعلى قول محمد رحمه الله تعالى لا يثبت ، وهو القياس ، وهكذا روى الحسن عن أبي حنيفة وقول أبي يوسف رحمه الله تعالى مضطرب فيه ، وذكر في كتاب النكاح قوله مع أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وفي كتاب الولاء ذكر في الأم قوله مع محمد رحمه الله تعالى أن الأم إذا عقدت الولاء على ولدها لم يصح عندهما والخلاف في التزويج وعقد الولاء سواء ، وكذلك في الأم وعشيرتها من ذوي الأرحام ، وجه قولهما الحديث { النكاح إلى العصبات } وإدخال الألف واللام دليل على أن جميع الولاية في باب النكاح إنما تثبت لمن هو عصبة دون من ليس بعصبة والدليل عليه أنه لا يثبت لغير العصبات ولاية التصرف في المال بحال وأن مولى العتاقة مقدم عليهم فلو كان لقرابتهم تأثير في استحقاق الولاية بها لكانوا مقدمين على مولى العتاقة إذ لا قرابة لمولى العتاقة ، وحجة أبي حنيفة رحمه الله تعالى حديث ابن مسعود رضي الله عنه في إجازته تزويج امرأته ابنتها على ما روينا فإن الأصح أن ابنتها لم تكن من عبد الله فإنما جوز نكاحها بولاية الأمومة ، والمعنى فيه وهو أن استحقاق الولاية باعتبار الشفقة الموجودة بالقرابة ، وهذه الشفقة توجد في قرابة الأم كما توجد في قرابة الأب فيثبت لهم ولاية التزويج أيضا إلا أن قرابة الأب يقدمون باعتبار العصوبة ، وهذا لا ينفي ثبوته لهؤلاء عند عدم العصبات كاستحقاق الميراث يكون بسبب القرابة ويقدم في ذلك العصبات ، ثم يثبت بعد ذلك لذوي الأرحام وبه ينتقض قولهم أن مولى العتاقة في الولاية مقدم على ذوي الأرحام فإن في الإرث أيضا يقدم مولى العتاقة ، ولا يدل ذلك على أنه لا يثبت لذوي الأرحام أصلا ، فكذا هنا وعلى هذا الخلاف مولى الموالاة له ولاية التزويج على الصغير والصغيرة إذا لم يكن لهما قريب عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وليس له ذلك عند محمد رحمه الله تعالى ; لأنه مؤخر عن ذوي الأرحام

التالي السابق


الخدمات العلمية