الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويحل ) مع الكراهة في غير المسجد ( الاستصباح بالدهن النجس ) وكذلك دهن الدواب وتوقيحها به كما له ذلك بالمتنجس ( على المشهور ) لما صح من أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة وقعت في سمن ، فقال { إن كان جامدا فألقوها وما حولها ، وإن كان مائعا فاستصبحوا به أو فانتفعوا به } أما في المسجد فلا لما فيه من تنجيسه ، كذا جزم به ابن المقري تبعا للأذرعي والزركشي ، وصرح بذلك الإمام وهو المعتمد ، وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، وإن مال الإسنوي إلى الجواز معللا له بقلة الدخان ، وحمل بعضهم الأول على الكثير أخذا من التعليل

                                                                                                                            قال الأذرعي : والأشبه أن يلحق به المنزل المؤجر والمعار ونحوهما إذا طال زمن الاستصباح فيه بحيث يعلق الدخان بالسقف ، أو الجدار ، ومحل ذلك في غير ودك نحو الكلب فلا يجوز الاستصباح به لغلظ نجاسته ، ويعفى عما يصيبه من دخان المصباح لقلته ، والبخار الخارج من الكنيف طاهر ، وكذا الريح الخارجة من الدبر كالجشاء لأنه لم يتحقق أنه من عين النجاسة لجواز أن تكون الرائحة الكريهة الموجودة فيه لمجاورته النجاسة لا أنه من عينها .

                                                                                                                            ويجوز كما في المجموع طلي السفن بشحم الميتة واتخاذ صابون من [ ص: 385 ] الزيت النجس ، ويجوز استعماله في بدنه وثوبه كما صرحوا به يطهرهما ، وكذلك يجوز استعمال الأدوية النجسة في الدبغ مع وجود غيرها من الطاهرات ويباشرها الدابغ بيده .

                                                                                                                            قال في الخادم : وكذلك وطء المستحاضة وكذلك الثقبة المنفتحة تحت المعدة لأنه يجوز للحليل الإيلاج فيها ، ويجوز إطعام الطعام المتنجس للدواب .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويحل الاستصباح بالدهن النجس ) في شرح المهذب وأظنه في باب الآنية نقلا عن الروياني وأقره ما حاصله : أنه يجوز وضع الدهن الطاهر في آنية نجسة كالمتخذ من عظم الفيل لغرض الاستصباح به فيها ، واعتمده شيخنا طب رحمه الله وإن وجد طاهرة يستصبح فيها وهو ظاهر ، لأن غرض الاستصباح حاجة مجوزة لذلك كما جاز وضع الماء القليل في آنية نجسة لغرض إطفاء نار أو نحو ذلك ، وتنجيس الطاهر إنما يحرم لغير غرض فليتأمل .

                                                                                                                            [ فرع ] إذا استصبح بالدهن النجس جاز إصلاح الفتيلة بأصبعه وإن تنجس وأمكن إصلاحها بنحو عود ; لأن التنجيس يجوز للحاجة ، ولا يشترط لجوازه الضرورة ، ووافق م ر على أن شرط جواز الاستصباح بالدهن النجس في المسجد الحاجة وأمن التنجيس للمسجد بنفسه أو دخانه ، ومشى على أنه يجوز إدخال الدهن النجس غير ودك الكلب والخنزير المسجد لحاجة .

                                                                                                                            ومنها قصد الإسراج بشرط أن لا يحصل تنجيس وإن قل .

                                                                                                                            ثم قال م ر : يجوز إسراج الدهن النجس في بيت مستعار معه أو مؤجر له بشرط أن لا يلوثه بنحو دخانه .

                                                                                                                            نعم اليسير الذي جرت العادة بالمسامحة به بحيث يرضى به المالك في العادة فلا بأس .

                                                                                                                            فلو كان موقوفا أو لنحو قاصر امتنع : أي ولو يسيرا إلا أنه ليس هناك مالك يعتبر رضاه ويتفرع على ذلك الطبخ بنحو الجلة في البيوت الموقوفة ونحوها ، وقد قال م ر : ينبغي أن يمتنع إذا ترتب عليها تسويد الجدران ، وجوز أن يستثنى ما إذا عد مكان في تلك البيوت للطبخ وجرت العادة بالطبخ فيها فليحرر ا هـ سم على منهج ( قوله : وتوقيحها ) أي تصليب حوافرها بالشحم المذاب كما في المحتار فهو من عطف الخاص على العام ( قوله : لما فيه من تنجيسه ) يؤخذ منه أنه إن لم يحصل منه تنجيس لم يحرم [ ص: 385 ] وفي سم على منهج ما نصه : ووافق م ر على أن شرط جواز الاستصباح بالدهن النجس في المسجد الحاجة وأمن التنجيس للمسجد بنفسه إلى آخر ما مر ( قوله : وكذلك يجوز استعمال الأدوية النجسة ) أما دبغ الجلود بروث الكلب والخنزير فلا يجوز ، وكذا تسميد الأرض به أيضا ا هـ زيادي : أي ومع ذلك لو دبغ به طهر الجلد ويغسل سبعا إحداها بتراب .




                                                                                                                            الخدمات العلمية