(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=164ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=165رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=164ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=165رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما )
في الآية مسائل :
المسألة الأولى : اعلم أنه تعالى لما حكى أن
اليهود سألوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن ينزل عليهم كتابا من السماء ، وذكر تعالى بعده أنهم لا يطلبون ذلك لأجل الاسترشاد ولكن لأجل العناد واللجاج ، وحكى أنواعا كثيرة من فضائحهم وقبائحهم ، وامتد الكلام إلى هذا المقام ، شرع الآن في الجواب عن تلك الشبهة فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ) والمعنى : أنا توافقنا على نبوة
نوح وإبراهيم وإسماعيل وجميع المذكورين في هذه الآية ، وعلى أن الله تعالى أوحى إليهم ، ولا طريق إلى العلم بكونهم أنبياء الله ورسله إلا ظهور المعجزات عليهم ولكل واحد منهم نوع آخر من المعجزات على التعيين ، وما أنزل الله على كل واحد من هؤلاء المذكورين كتابا بتمامه مثل ما أنزل إلى
موسى ، فلما لم يكن عدم إنزال الكتاب على هؤلاء دفعة واحدة قادحا في نبوتهم ، بل كفى في إثبات نبوتهم ظهور نوع واحد من أنواع المعجزات عليهم ، علمنا أن هذه الشبهة زائلة ، وأن إصرار
اليهود على طلب هذه المعجزة باطل ، وتحقيق القول فيه أن
[ ص: 86 ] إثبات المدلول يتوقف على ثبوت الدليل ، ثم إذا حصل الدليل وتم فالمطالبة بدليل آخر تكون طلبا للزيادة وإظهارا للتعنت واللجاج ،
nindex.php?page=treesubj&link=28783_28787_29723والله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، فلا اعتراض عليه لأحد بأنه لم أعطى هذا الرسول هذه المعجزة وذلك الرسول الآخر معجزا آخر ، وهذا الجواب المذكور ههنا هو الجواب المذكور في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=90وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا ) [الإسراء : 90] إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ) [الإسراء : 93] يعني أنك إنما ادعيت الرسالة ،
nindex.php?page=treesubj&link=21554_28752_29629والرسول لا بد له من معجزة تدل على صدقه ، وذلك قد حصل ، وأما أن تأتي بكل ما يطلب منك فذاك ليس من شرط الرسالة ، فهذا جواب معتمد عن الشبهة التي أوردها
اليهود ، وهو المقصود الأصلي من هذه الآية .
المسألة الثانية : قال
الزجاج : الإيحاء الإعلام على سبيل الخفاء ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ) [مريم : 11] أي : أشار إليهم ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=111وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي ) [المائدة : 111] وقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=68وأوحى ربك إلى النحل ) [النحل : 68] (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=7وأوحينا إلى أم موسى ) [القصص : 7] والمراد بالوحي في هذه الآيات الثلاثة الإلهام .
المسألة الثالثة : قالوا : إنما بدأ تعالى بذكر
نوح لأنه
nindex.php?page=treesubj&link=31828_29638أول نبي شرع الله تعالى على لسانه الأحكام والحلال والحرام ، ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163والنبيين من بعده ) ثم خص بعض النبيين بالذكر لكونهم أفضل من غيرهم كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=98وملائكته ورسله وجبريل وميكال ) [البقرة : 98] .
واعلم أن الأنبياء المذكورين في هذه الآية سوى
موسى - عليه السلام - اثنا عشر ولم يذكر
موسى معهم ، وذلك لأن
اليهود قالوا : إن كنت يا
محمد نبيا فأتنا بكتاب من السماء دفعة واحدة كما أتى
موسى - عليه السلام - بالتوراة دفعة واحدة ، فالله تعالى أجاب عن هذه الشبهة بأن هؤلاء الأنبياء الاثني عشر كلهم كانوا أنبياء ورسلا مع أن واحدا منهم ما أتى بكتاب مثل التوراة دفعة واحدة ، ثم ختم ذكر الأنبياء بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163وآتينا داود زبورا ) يعني أنكم اعترفتم بأن الزبور من عند الله ، ثم إنه ما نزل على
داود دفعة واحدة في ألواح مثل ما نزلت التوراة دفعة واحدة على
موسى - عليه السلام - في الألواح ، فدل هذا على أن
nindex.php?page=treesubj&link=32238_28424_20754_20759نزول الكتاب لا على الوجه الذي نزلت التوراة لا يقدح في كون الكتاب من عند الله ، وهذا إلزام حسن قوي .
المسألة الرابعة : قال أهل اللغة : الزبور الكتاب ، وكل كتاب زبور ، وهو فعول بمعنى مفعول ، كالرسول والركوب والحلوب ، وأصله من زبرت بمعنى كتبت ، وقد ذكرنا ما فيه عند قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=184جاءوا بالبينات والزبر ) [آل عمران : 184] .
المسألة الخامسة : قرأ
حمزة : ( زبورا ) بضم الزاي في كل القرآن ، والباقون بفتحها ، حجة
حمزة أن الزبور مصدر في الأصل ، ثم استعمل في المفعول كقولهم : ضرب الأمير ونسج فلان ، فصار اسما ثم جمع على زبر كشهود وشهد ، والمصدر إذا أقيم مقام المفعول فإنه يجوز جمعه كما يجمع الكتاب على كتب ، فعلى هذا ، الزبور الكتاب ، والزبر بضم الزاي : الكتب ، أما قراءة الباقين فهي أولى لأنها أشهر ، والقراءة بها أكثر .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=164وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=165رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=164وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=165رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى أَنَّ
الْيَهُودَ سَأَلُوا الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ ، وَذَكَرَ تَعَالَى بَعْدَهُ أَنَّهُمْ لَا يَطْلُبُونَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الِاسْتِرْشَادِ وَلَكِنْ لِأَجْلِ الْعِنَادِ وَاللَّجَاجِ ، وَحَكَى أَنْوَاعًا كَثِيرَةً مِنْ فَضَائِحِهِمْ وَقَبَائِحِهِمْ ، وَامْتَدَّ الْكَلَامُ إِلَى هَذَا الْمَقَامِ ، شَرَعَ الْآنَ فِي الْجَوَابِ عَنْ تِلْكَ الشُّبْهَةِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ) وَالْمَعْنَى : أَنَّا تَوَافَقْنَا عَلَى نُبُوَّةِ
نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَجَمِيعِ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ، وَعَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيْهِمْ ، وَلَا طَرِيقَ إِلَى الْعِلْمِ بِكَوْنِهِمْ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ وَرُسُلَهُ إِلَّا ظُهُورُ الْمُعْجِزَاتِ عَلَيْهِمْ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَوْعٌ آخَرُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ عَلَى التَّعْيِينِ ، وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ كِتَابًا بِتَمَامِهِ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ إِلَى
مُوسَى ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ عَدَمُ إِنْزَالِ الْكِتَابِ عَلَى هَؤُلَاءِ دُفْعَةً وَاحِدَةً قَادِحًا فِي نُبُوَّتِهِمْ ، بَلْ كَفَى فِي إِثْبَاتِ نُبُوَّتِهِمْ ظُهُورُ نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُعْجِزَاتِ عَلَيْهِمْ ، عَلِمْنَا أَنَّ هَذِهِ الشُّبْهَةَ زَائِلَةٌ ، وَأَنَّ إِصْرَارَ
الْيَهُودِ عَلَى طَلَبِ هَذِهِ الْمُعْجِزَةِ بَاطِلٌ ، وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِيهِ أَنَّ
[ ص: 86 ] إِثْبَاتَ الْمَدْلُولِ يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الدَّلِيلِ ، ثُمَّ إِذَا حَصَلَ الدَّلِيلُ وَتَمَّ فَالْمُطَالَبَةُ بِدَلِيلٍ آخَرَ تَكُونُ طَلَبًا لِلزِّيَادَةِ وَإِظْهَارًا لِلتَّعَنُّتِ وَاللَّجَاجِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28783_28787_29723وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ، فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ بِأَنَّهُ لِمَ أَعْطَى هَذَا الرَّسُولَ هَذِهِ الْمُعْجِزَةَ وَذَلِكَ الرَّسُولَ الْآخَرَ مُعْجِزًا آخَرَ ، وَهَذَا الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ هَهُنَا هُوَ الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=90وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا ) [الْإِسْرَاءِ : 90] إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=93قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا ) [الْإِسْرَاءِ : 93] يَعْنِي أَنَّكَ إِنَّمَا ادَّعَيْتَ الرِّسَالَةَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=21554_28752_29629وَالرَّسُولُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُعْجِزَةٍ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ ، وَذَلِكَ قَدْ حَصَلَ ، وَأَمَّا أَنْ تَأْتِيَ بِكُلِّ مَا يُطْلَبُ مِنْكَ فَذَاكَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الرِّسَالَةِ ، فَهَذَا جَوَابٌ مُعْتَمَدٌ عَنِ الشُّبْهَةِ الَّتِي أَوْرَدَهَا
الْيَهُودُ ، وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ
الزَّجَّاجُ : الْإِيحَاءُ الْإِعْلَامُ عَلَى سَبِيلِ الْخَفَاءِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=11فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) [مَرْيَمَ : 11] أَيْ : أَشَارَ إِلَيْهِمْ ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=111وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي ) [الْمَائِدَةِ : 111] وَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=68وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ ) [النَّحْلِ : 68] (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=7وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى ) [الْقَصَصِ : 7] وَالْمُرَادُ بِالْوَحْيِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الثَّلَاثَةِ الْإِلْهَامُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالُوا : إِنَّمَا بَدَأَ تَعَالَى بِذِكْرِ
نُوحٍ لِأَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=31828_29638أَوَّلُ نَبِيٍّ شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِهِ الْأَحْكَامَ وَالْحَلَالَ وَالْحَرَامَ ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ) ثُمَّ خَصَّ بَعْضَ النَّبِيِّينَ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِمْ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِمْ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=98وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ ) [الْبَقَرَةِ : 98] .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ الْمَذْكُورِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ سِوَى
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - اثْنَا عَشَرَ وَلَمْ يُذْكَرْ
مُوسَى مَعَهُمْ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ
الْيَهُودَ قَالُوا : إِنْ كُنْتَ يَا
مُحَمَّدُ نَبِيًّا فَأْتِنَا بِكِتَابٍ مِنَ السَّمَاءِ دُفْعَةً وَاحِدَةً كَمَا أَتَى
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالتَّوْرَاةِ دُفْعَةً وَاحِدَةً ، فَاللَّهُ تَعَالَى أَجَابَ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءَ الِاثْنَيْ عَشَرَ كُلُّهُمْ كَانُوا أَنْبِيَاءَ وَرُسُلًا مَعَ أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ مَا أَتَى بِكِتَابٍ مِثْلِ التَّوْرَاةِ دُفْعَةً وَاحِدَةً ، ثُمَّ خَتَمَ ذِكْرَ الْأَنْبِيَاءِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=163وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا ) يَعْنِي أَنَّكُمُ اعْتَرَفْتُمْ بِأَنَّ الزَّبُورَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، ثُمَّ إِنَّهُ مَا نَزَلَ عَلَى
دَاوُدَ دُفْعَةً وَاحِدَةً فِي أَلْوَاحٍ مِثْلَ مَا نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ دُفْعَةً وَاحِدَةً عَلَى
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْأَلْوَاحِ ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32238_28424_20754_20759نُزُولَ الْكِتَابِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ لَا يَقْدَحُ فِي كَوْنِ الْكِتَابِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَهَذَا إِلْزَامٌ حَسَنٌ قَوِيٌّ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الزَّبُورُ الْكِتَابُ ، وَكُلُّ كِتَابٍ زَبُورٌ ، وَهُوَ فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ، كَالرَّسُولِ وَالرَّكُوبِ وَالْحَلُوبِ ، وَأَصْلُهُ مِنْ زَبَرْتُ بِمَعْنَى كَتَبْتُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا فِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=184جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ) [آلِ عِمْرَانَ : 184] .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : قَرَأَ
حَمْزَةُ : ( زُبُورًا ) بِضَمِّ الزَّايِ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ ، وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا ، حُجَّةُ
حَمْزَةَ أَنَّ الزَّبُورَ مَصْدَرٌ فِي الْأَصْلِ ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْمَفْعُولِ كَقَوْلِهِمْ : ضَرْبُ الْأَمِيرِ وَنَسْجُ فُلَانٍ ، فَصَارَ اسْمًا ثُمَّ جُمِعَ عَلَى زُبُرٍ كَشُهُودٍ وَشُهُدٍ ، وَالْمَصْدَرُ إِذَا أُقِيمَ مَقَامَ الْمَفْعُولِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُهُ كَمَا يُجْمَعُ الْكِتَابُ عَلَى كُتُبٍ ، فَعَلَى هَذَا ، الزَّبُورُ الْكِتَابُ ، وَالزُّبُرُ بِضَمِّ الزَّايِ : الْكُتُبُ ، أَمَّا قِرَاءَةُ الْبَاقِينَ فَهِيَ أَوْلَى لِأَنَّهَا أَشْهَرُ ، وَالْقِرَاءَةُ بِهَا أَكْثَرُ .