الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
بما في الصحيح عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=677735لما مرض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فأذن فقال : مروا nindex.php?page=showalam&ids=16867أبا بكر فليصل بالناس ، فخرج nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر يصلي فوجد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من نفسه خفة ، فخرج يهادى بين رجلين ، كأني أنظر إلى رجليه تخطان الأرض من الوجع ، فأراد nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه أن مكانك ، ثم أتى إلى أن جلس إلى جنبه ، فقيل للأعمش ، فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي وأبو بكر يصلي بصلاته ، والناس بصلاة nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر فقال : نعم .
وعلم عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر نحوه ، وفيه أن nindex.php?page=showalam&ids=16867أبا بكر كان مأموما والنبي- صلى الله عليه وسلم- هو الإمام ، وفيه وأبو بكر يسمع الناس تكبيره .
والجواب أن هذه الأحاديث المختلفة ، قد جمع بينها nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي ، nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : نحن نقول بمشيئة الله وتوفيقه ، إن هذه الأخبار كلها صحاح ، وليس شيء منها معارض الآخر ، ولكن النبي- صلى الله عليه وسلم- صلى في صلاته صلاتين في المسجد جماعة لا صلاة واحدة ، وإحداها كان مأموما ، وفي الأخرى كان إماما .
قال : والدليل على أنها كانت صلاتين لا صلاة واحدة ، أن في خبر عبيد الله بن عبد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : أن النبي- صلى الله عليه وسلم- خرج بين رجلين ، يريد بأحدهما nindex.php?page=showalam&ids=18العباس ، والآخر nindex.php?page=showalam&ids=8عليا . [ ص: 196 ]
وفي خبر nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : أن النبي- صلى الله عليه وسلم- خرج بين رجلين قال : فهذا يدلك على أنها كانت صلاتين ، لا صلاة واحدة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي- رحمه الله تعالى- في «المعرفة» : والذي نعرفه بالاستدلال بسائر الأخبار أن nindex.php?page=treesubj&link=31184الصلاة التي صلاها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خلف nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر هي صلاة الصبح يوم الاثنين ، وهي آخر صلاة صلاها حتى مضى لسبيله ، وهي غير الصلاة التي صلاها nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر خلفه ، قال ولا يخالف هذا ما ثبت عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس في صلاتهم يوم الاثنين وكشف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ستر الحجرة ونظره إليهم وهم صفوف في الصلاة ، وأمره إياهم بإتمامها وإرخائه الستر ، فإن ذلك إنما كان في الركعة الأولى ، ثم إنه وجد في نفسه خفة فخرج فأدرك معه الركعة الثانية ، وقال : والذي يدلك على ذلك ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة في المغازي وذكره أبو الأسود عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة : nindex.php?page=hadith&LINKID=96134«أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أقلع عنه الوعك ليلة الاثنين ، فغدا إلى صلاة الصبح يتوكأ على nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن عباس وغلام له وقد سجد الناس مع nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر في صلاة الصبح وهو قائم في الأخرى ، فتخلص رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى قام إلى جنب nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر فاستأخر nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، فأخذ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بثوبه فقدمه في مصلاه ، فصفا جميعا ، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- جالس وأبو بكر قائم يقرأ القرآن فلما قضى nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر قراءته قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فركع معه الركعة الأخيرة ، ثم جلس nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر حين قضى سجوده يتشهد ، والناس جلوس ، فلما سلم أتم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الركعة الأخيرة ، ثم انصرف إلى جذع من جذوع المسجد ، فذكر قصة دعائه nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد ، وعهده إليه فيما بعثه فيه ، ثم في وفاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ثم رواه بإسناده إلى nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب وعروة» .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : فالصلاة التي صلاها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو مأموم صلاة الظهر ، وهي التي خرج فيها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بين nindex.php?page=showalam&ids=69الفضل بن عباس ، وغلام له .
قال : وفي ذلك جمع بين الأخبار التي وردت في هذا الباب .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم- رحمه الله تعالى- أيضا إنهما صلاتان متغايرتان بلا شك ، إحداهما التي رواها الأسود عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وعبد الله عنها وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس صفتها أنه- صلى الله عليه وسلم- أم الناس والناس خلفه ، وأبو بكر عن يمينه في موقف المأموم ، يسمع الناس تكبيره .
والصلاة الثانية التي رواها nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق ، وعبيد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وحميد عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس صفتها أنه- صلى الله عليه وسلم- كان خلف nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر في الصف مع الناس ، فارتفع الإشكال جملة ، قال : وليست صلاة واحدة في الدهر فيحمل ذلك على التعارض ، بل في كل يوم خمس صلوات ، ومرضه- صلى الله عليه وسلم- كان مدة اثني عشر يوما ، فيه ستون صلاة أو نحو ذلك انتهى والله تعالى أعلم . [ ص: 197 ]